رواية قصيرة: اللعبة .. (الحلقة الرابعة والأخيرة)

رواية قصيرة: اللعبة .. (الحلقة الرابعة والأخيرة)

الكاتب محمد بهاءالدين بتاريخ 28 يوليو، 2018


الحلقة الرابعة والأخيرة

 

 

ظل رومان ممسكا بنايومي في منتصف الطريق وهو يحاول أن يوقف الدماء التى تسيل بغزارة من عنقها بعد أن قام بسحب المشرط الحاد منه، ويبكي ويردد:

– لماذا يا نايومي.. ماذا فعلتي .. لماذا.. ؟

وفى تلك اللحظة توقفت سيارة بالقرب منه وخرج منها دين أمبروز مسرعا وقام بإبعاد رومان عن نايومي وهو يصرخ فيه مستفسرا عن ما حدث. وأجابه الاخير وهو منهار تماما:

– انا السبب .. لقد قتلتها. لم يكن يجب أن اشركها معي فى هذا الامر. أنا السبب..

تجمد أمبروز لبعض الوقت وهو ينظر الى رومان والمشرط فى قبضته والدماء تغطى يديه، بينما كانت نايومي جثة هامدة على الطريق وعنقها لا زال ينزف. ومن ثم أخذ يصيح بهستيريا:

– رومان .. هل جننت .. ماذا يحدث معك؟

ظل رومان يتراجع الى الخلف وهو يضع كلتا يديه على رأسه بعد أن القى المشرط على الارض ومن ثم وصل الى سيارته وهو يترجف من شدة الخوف والبكاء، ولم يتحدث الى صديقه بينما لم تفارق عينيه نايومي على الاطلاق، ومن ثم أدار سيارته وغادر المكان فورا.

لم يبتعد رومان كثيرا حتى أتاه اتصال من زوجته مرة اخرى، وأسرع بالرد خوفا من أن يكون جيمي قد عاد الي بيته من جديد، لكن صوت زوجته الغاضب وهي تسأله عن مكانه ألغى هذه الفرضية، وأخبرها وهو يتحدث بصعوبة انه يحاول الاهتمام بموضوع مهم.

– موضوع مهم؟ هل هي نايومي ؟؟ لماذا يا رومان.. كيف سمحت بحدوث ذلك؟

استغرب رينز من حديث زوجته ولهجتها، وسألها بتردد شديد عن ماذا تقصد، وأكلمت هي حديثها وقالت:

– لقد عرفت كل شئ.. كل شئ.. لقد دمرت حياتنا وحياة ابنتك الصغيرة بفعلتك هذه..

توقفت زوجته عن الحديث ودخلت فى نوبة من البكاء لبعض الوقت ومن ثم قاطعت رومان الذي كان يطلب منها ان تهدأ ليشرح لها، وقالت:

– توقف انت.. لا اريد ان اسمع منك أي كلمة بعد الآن، لقد خنتني مع من كنت اعتبرها أختى.. لا مكان لك بيننا الآن، لقد أخذت ابنتنا من المنزل ولن ترانا مرة اخرى.. انا اكرهك.

كان رومان يصرخ ويبكي معا وهو يطلب منها ان لا تتهور، لكنه وجد نفسه يتحدث لوحده بعد ان اغلقت الاخيرة المكالمة، وبعد العديد من المحاولات الفاشلة فى الاتصال بها، لم يعد رومان قادر على التحكم بالسيارة، فاوقفها جانبا ونزل منها وهو يصرخ بأعلى صوت وسدد العديد من الركلات الى إطار السيارة وبعض الضربات القوية بقبضة يديه على صندوق السيارة ومن ثم عاد للبكاء مرة اخرى.

مر وقت طويل على رومان وهو بهذه الحالة دون أن يغادر مكانه، لكن لا مجال للبكاء بعد الان، الوقت يمضى وهو يخسر المزيد من الاشياء من حوله، وهو ما تأكد حين تلقى اتصال من دين أمبروز يخبره فيه بآخر ما كان يتوقعه، أنه الآن مطلوب من قبل الشرطة، وذلك حين التقطت كاميرات المراقبة ما حدث، والذى تم تفسيره بصورة خاطئة لكنها مقنعة تماما.

الشرطة الآن تطارده بعد أن تأكد لها انه كان يطارد الضحية بالسيارة، ومن ثم لحق بها وتهجم عليها داخل سيارتها، الا انها استطاعت أن تبعده واغلقت عليها السيارة من الداخل، لكنه قام بتحطيم زجاج السيارة وطعنها فى عنقها بمشرط حاد ومن ثم اخرجها الى الطريق وقام بالهرب حين وصل امبروز الى المكان.

ظل رومان يستمع الى تلك التفاصيل وهو يفتح فمه مذعورا وعينيه جاحظتين وكأنها ستخرج من مكانها، ومن ثم القى الهاتف من يده والقى بنفسه ايضا على الارض من هول الصدمة.

فالأن فقط … خسر كل شئ..

لا عمل.. لا عائلة .. لا زوجة وابنة.. لا اصدقاء.. والان مجرم هارب من العدالة بتهمة القتل.. كل ذلك حدث في اقل من يومين، والسبب وراء كل هذا هو شخص واحد فقط، فينس ماكمان. وهو الاسم الذي ظل يتردد فى عقل رومان طيلة الطريق وهو يقود سيارته نحو المجهول.

طيلة الوقت الماضي كان رومان يحاول ان يبرر لكل من حوله عن موقفه، ولكنه تحول الى رجل بلا حياة، ولم يعد همه الان كشف الاعيب فينس ماكمان وتبرئة نفسه من تهمة الخيانة مع نايومي، فحتى لو فعل ذلك لن يستفيد شئ لأنه بات قاتلا ولا يمكن ابدا تبرير هذه التهمة لأن لا احد سواه كان فى المكان. وحتى صديقه أمبروز لن يشهد لمصلحته لأنه استمع اليه وهو يردد بأنها من قتلها.

فجأة وجد رومان نفسه امام منزل فينس، وكانت الكلاب تعوى عليه بشراسة بعد ان اشتمت رائحة الدماء التى تلطخ ملابسه والدماء الاخرى التى تغلى فى عروقه، ولحسن حظه وسوء حظ الجميع وجد فينس وهو قد وصل للتو ويستعد لدخول المنزل، فألتفت الاخير ليرى رومان امامه وملامحه وجهه تكشف تماما عن ما ينوى فعله

– اسمع يا رومان.. ساشرح لك كل ش..

لكن فينس لم يتمكن من مواصلة الحديث بعد أن اطبق رومان على عنقه و بدأ يضرب رأسه بعنف على زجاج السيارة وهو يردد:

– هل هذا ما كنت تريده .. ان اخسر كل شئ .. ان اتحول الى قاتل ؟

ظل رومان يضرب رأس فينس حتى انتبه الى أن الاخير توقف عن مقاومته وأن زجاج السيارة بدأ فى التهشم والدماء تنتشر فيه. حينها فقط توقف .. وافلت فينس ليسقط جثة هامدة بين قدميه. وتسمر هو فى مكانه ينظر الى ما صنعت يديه.. حتى شعر باقتراب أحدهم وصوت الكلاب يزداد شراسة، فاسرع فورا بالمغادرة.

لم يكن هناك مكان يذهب اليه رومان سوى منزله، هناك سيجلس ينتظر الشرطة بعد ان ابلغهم بكل شئ. وتحديدا قيامه بقتل رئيسه فينس ماكمان. واتجه رومان الى باب منزله بخطوات ثقيلة جدا، ومن ثم فتح الباب واضاء المكان الذي انفجر بالصراخ بكلمة “مفاجأة”.

كان معظم افراد عائلته فى المكان وكذلك زوجته وحتى صديقه دين أمبروز ورينيه يونغ، والاهم من كل ذلك كان جيمي متواجد مع الجميع، والصدمة الاكبر كانت بتواجد نايومي ايضا وهى بين احضان زوجها جيمي.

ظل رومان يقف على عتبة الباب حين اقتربت منه زوجته وهى تبتسم وتخبره بأن كل شئ قد أنتهى، بينما كان جيمي يضحك بصوت عالي ونايومي تشير اليه بأنها بخير. وقال له جيمي وهو يسحبه الى الداخل ان الأمر كان عبارة عن سيناريو من فينس كما قال، لكن السيناريو لم يكن عليه او على زوجته نايومي، بل كان عليه هو رومان، وان فينس فعل كل ذلك ليخرج الافضل فيه.

كان جيمي يشرح بفخر تفاصيل ذلك السيناريو وكيف استخدم مسدس صوت، وكيف خدعته نايومي على طريقة افلام السينما، لكن رومان كان شاحب الوجه وهو يقلب نظره بينهم، ومن ثم نهض ووقف أمام الباب. لينتبه الجميع فى تلك اللحظة الى ان هناك الكثير من الدماء على وجه وعنق رومان.. دماء لم تكن لنايومي ابدا.

ليقاطع بوق سيارات الشرطة افكارهم، وجدران المنزل تتلون باللونين الازرق والاحمر الشهيرين، وقال رومان وهو ينظر اليهم مودعا:

– لقد أتوى من أجلي .. لقد أديت دوري فى السيناريو.

غادر رومان برفقة الشرطة وزوجته تسقط مغشية عليها امام باب المنزل، بينما كانت نايومي تبكى بهيستيريا ورينيه تدفن وجهها فى حضن زوجها امبروز والذي كان مع جيمي فى قمة الذهول وهما يراقبان رومان وهو فى الكرسي الخلفي لسيارة الشرطة. والتى غادرت لتضع نهاية غير متوقعة لواحد من اكثر سيناريوهات فينس ماكمان دموية على الاطلاق.

 

النهاية

 

كتابة: محمد بهاء الدين