رواية قصيرة: اللعبة (الموسم الثاني – الحلقة الخامسة)

رواية قصيرة: اللعبة (الموسم الثاني – الحلقة الخامسة)

الكاتب محمد بهاءالدين بتاريخ 9 سبتمبر، 2018


جلس دين أمبروز فى غرفة التحقيقات بعد ان انتهى من الفحص الطبي للتأكد على سلامته، كان ينظر فقط الى منفضة سجائر تتوسط طاولة وحيدة فى منتصف الغرفة وحولها كرسيين فقط يجلس هو فى احدهما والثاني فارغ فى انتظار الشرطي للجلوس عليه. وهو ما حدث فعليا بعد اقل من دقيقة.

– انت دين أمبروز؟ صحيح

لم يتلقى المتحري اي اجابة، وكان كمن يتحدث الى تمثال يلجس امامه، فرفع من صوته واعتدل فى جلسته وهو يقترب بوجهه اكثر وقال:

– دين ؟؟ انا اتحدث اليك؟

رفع الاخير رأسه ببطء شديد ونظر الى المتحري طويلا ومن ثم اومأ برأسه فقط بالايجاب:

الشرطي: هل انت بخير

كرر دين نفس الايماءة برأسه

الشرطي: لا اريد ان اضعط عليك.. هل انت جاهز للاجابة على بعض الاسئلة الان، ام نؤجل هذه المناقشة الى وقت آخر؟

اعتدل امبروز فى جلسته واتكأ بظهره على الكرسي وشبك يديه امام صدره واشار الى المتحري بالمواصلة:

الشرطي: عرفت من جاي ما حدث فى الغرفة، هل صحيح انك من لاحظ تواجد شخص آخر معكم؟

دين: نعم

الشرطي: كيف كان شكله؟

دين: لم اراه تماما، احسست بتواجده وكنت على وشك الوصول اليه لولا ما حدث؟

الشرطي: اشرح لي اكثر

اخرج دين تنهيدة طويلة من صدره ومن ثم عاد ليتكئ بمرفقيه على الطاولة وقال:

– شعرت بحركة فى الغرفة وحين توجهت ناحيتها انتبهت الى تواجد حبل يخرج من تلك المكان حتى السقف، وما ان رفعت رأسي حتى انقطع الحبل وسقطت الابجورة الضخمة من اعلى، فاسرعت بابعاد من كان يقف تحتها لكننى لم اصل فى الوقت المناسب.

دق دين الطاولة بقبضة يده مع نهاية جملته، وفى تلك اللحظة نهض الشرطي وقام بفتح الباب واشار الى دين بالمغادرة وهو يقول:

– لا شئ لدينا هنا، سنتصل بك فى حالة احتجنا اليك، لا تغادر المدينة حتى تنتهى التحقيقات.

نهض امبروز واشار الى الشرطة بالشكر ولكن قبل ان يغادر الغرفة، وقف في الباب امام الشرطي وقال له:

– هناك شئ ما.. بعد ان غادرنا غرفة تغيير الملابس سويا، اتجهنا الى الغرفة المقابلة لها، لكنها كانت مغلقة، وجميع الغرف الاخرى كانت مغلقة ايضا، الا تلك التى دخلنا اليها.

ارتسمت ملامح الاهتمام على وجه الشرطي وسأل دين:

– بماذا تلمح، وماذا يعني حديثك هذ؟ ان هناك من دفعكم للدخول الى تلك الغرفة بالتحديد.

اقترب امبروز اكثر من الشرطي وقال له وهو يتلفت ليتأكد من خلو الممر من بقية افراد الشرطة:

– لقد سمعت زوجتي رينيه تتحدث عن زيارتها لرومان رينز، وتهديده لها بالانتقام من الجميع. لا اريد ان اوجه الاتهامات لصديقي لكننى بت اخشى على زوجتي واصدقائي.

صمت الشرطي لبعض الوقت وكأنها يحاول ان يدخل حديث امبروز الى حيز المنطق ومن ثم الى رأسه، وبعد ثواني قال:

– حسنا.. سنتحرى فى الامر.. اذهب انت الان.

وبعيدا عن تلك الاجواء البوليسية استيقظت رينيه يونغ فى غرفتها بفندق كاريبان، كان راسها ثقيل للغاية وهي تفتح عينيها، لترى امامها سيث رولينز وهو جالس على الكرسي المقابل لها، فاعتدلت بسرعة حين رأته مستيقظ ويتطلع اليها، فقالت بارتباك وهى تعدل ملابسها:

– هل بقيت هنا منذ البارحة؟

نهض سيث بدوره واقترب منها ليجلس على حافة السرير وقال:

– نعم.. لم استطع ان اتركك وانتي فى هذه الحالة، لقد كنتي منهارة تماما

نهضت رينيه من الجانب الاخر للسرير ووقفت وهى تسوى شعرها ومن ثم انتبهت فجأة الى انها لم تسأل عن زوجها دين امبروز، فحاولت ان تغطي عن هذا الخطأ بالهرولة الى سيث رولينز وهي تسأله بكل لهفة:

– سيث.. اين دين؟ ماذا حدث معه؟

نهض رولينز وامسك بكتفي رينيه وقال لها بهدوء:

لا تقلقي.. سيكون بخير.. انه برفقة الشرطة.. اكثر امانا مني ومنك

اقترب سيث اكثر من رينيه ورفع رأسها بسبابة يده وهو يواصل حديثه:

– انا هنا الآن.. كل شئ سيكون على مايرام.. لا تهتمي كثير بدين.. يبدو انه مشغول بأمور اخرى.

وقبل ان ينطق سيث بأي كلمة اخرى انتفضت رينيه يونغ وتراجعت للخلف حين وجدت دين فى باب الغرفة وهو ينظر اليهما من مكانه.

التفت سيث بدوره، وتمنى لو ابتلعته الارض فى هذه اللحظة قبل ان يشاهده دين مع رينيه فى ذات الموقف مرة اخرى. لكنه اسرع بتدارك الامر ووجه حديثه الى الاثنين.

– ها قد اتى كما اخبرتك يا رينيه وفى نفس التوقيت.. الان يمكننى ان اتأكد من سلامتك.

اقترب سيث من دين وسأله عما حدث مع الشرطة، لكن الاخير تجاوزه وهو يتجه الى الحمام وقال:

– ليس الان يا سيث.. ساحكى لك كل شئ لاحقا.. انا متعب ومرهق للغاية واحتاج للكثير جدا من الراحة.

اغلق دين باب الحمام خلفه في نفس اللحظة التى رن فيها هاتف رينيه يونغ، فتوقف سيث ولم يغادر بعد ان لاحظ تغيير ملامح وجه رينيه وهى تستمع الى محدثها عبر الهاتف.

– ماذا ؟؟ نايومي … كيف حدث ذلك.. متي ؟

سقط الهاتف من يد رينيه وهى تردد اسم نايومي دون توقف وترتجف فى مكانها.

اسرع سيث ليسألها عما يجري وماذا حدث لنايومي، لكن الاخيرة كانت غير قادرة على استجماع قواها، وظلت تردد:

– نايومي قتلت نفسها.. لقد انتحرت يا سيث .. انتحرت.

رن صوت هاتف آخر، واتى الصوت من داخل الحمام هذه المرة، فانتبه سيث ورينيه لحديث دين من هناك، وبعدها بثواني كان فى الخارج وهو يرتدي ملابسه استعدادا للمغادرة، ووجه حديثه الى سيث:

– هيا بنا.. لقد انتحرت نايومي ويطلبون حضورنا فى قسم الشرطة

اسرعت رينيه لتلحق بهما وهي تسأل عن سبب استدعاء زوجها.

فالتفت اليها دين وقال:

– ابقى هنا ارجوك، الوضع خطر للغاية، نايومي انتحرت كما قالوا، لكن الشرطة تشتبه بجريمة قتل، لقد وجودوا اثار اقتحام للمنزل، كما ان طريقة انتحار نايومي بقطع عنقها تشبه تماما الطريقة التى مثلت بها امام رومان رينز سابقا.

غادر بعدها سيث ودين تاركين رينيه فى غرفة الفندق، لكنها لم تكن وحدها، بل محاطة بالكثير جدا من الاحاسيس المرعبة والافكار المخيفة.

 

… يتبع

 

الكاتب: محمد بهاء الدين