مقال: ناكامورا وآسكا.. ما يحدث في اليابان يجب ان يبقى فى اليابان

مقال: ناكامورا وآسكا.. ما يحدث في اليابان يجب ان يبقى فى اليابان

الكاتب محمد بهاءالدين بتاريخ 1 أبريل، 2018


إن شاهدت فيلما من دول شرق اسيا، صينيا كان أم يابانيا فقد ترى الأمر مضحكا للغاية وسخيفا وهم يتعاركون فى منتصف الهواء ويحلقون بين اسطح المنزل ويمشون بواسطة الرياح. وكذلك الأمر بالنسبة للسينما الهندية، حين تجد البطل فى منتصف المعركة يقوم بالرقص والتمايل. ولكن بالنسبة لتلك الشعوب فالأمر جديا ولا يرونه كما نراه نحن.
الرقص بالنسبة للهنود ليس امرا سخيفا، بل هي عاداتهم وثقافة تميزهم عن البقية، القتال على طريقة الاساطير واستخدام القوى غير الطبيعية بالنسبة للشعب الصيني هو ثقافة وليس امر مضحكا وطفوليا كما يراه بقية العالم. وبهذا المفهوم يمكن ان نغير نظرتنا قليلا نحو كل من شينسكي ناكامورا وآسكا.
حين أتى شينسكي من الاتحاد الياباني كان يشار له بالبنان، وكان اسما كبيرا للغاية، ووصف البعض تعاقد WWE معه بالخبطة الكبيرة، بينما كان التعاقد من اسكا اقل اهمية كونها لم تأتي من اتحاد كبير أو معروف كما هو الحال مع شينسكي.
ولأن القائمون على الاتحاد يعرفون ان اختلاف الثقافة بين المشاهد الامريكي والياباني قد يعقد الأمور قليلا على النجمين، تم ارسالهما الى عروض NXT للتأقلم هناك لبعض الوقت قبل الدفع بهما الى العروض الرئيسية، وهى خطوة ظاهرها صحيح لكنها كانت خاطئة تماما، لأن المسوؤلون لم ينتبهوا الى عمق المشكلة.
الان كلا النجمين يتصدران النزالات الرئيسية فى سماك داون، وينافسان على حزامي البطولة، ومرشحين ايضا للفوز فى راسلمينيا 34، شينسكي ناكاموروا يواجه أي جي ستايلز، واسكا تواجه تشارلوت، لكن كل المؤشرات تؤكد ان حالة الاعجاب بالنجمين لن تطول وأنهما لن يكونا جاذبين كأبطال بالاحزمة الكبيرة، خصوصا وانهما يقدمان الشخصية الطيبة حاليا.
بالنسبة لأسكا، فالمصارعة انتقلت عبر العديد من الاتحادات المستقلة قبل ان تحط الرحال فى WWE، وتلقت دفعة قوية للغاية قد تجعلها افضل مصارعة فى التاريخ من حيث الانجازات والارقام القياسية، فهى صاحبة سلسلة انتصارات تخطت بها جميع عظماء المصارعة، لكنها تفتقر تماما للتواصل مع الجماهير.
اسكا تقدم شخصية مميزة وناجحة جدا وجاذبة بالنسبة للجمهور والمشاهد، لكن ليس هنا، بل فى اليابان، حيث يفضلون مشاهدة ابطالهم على طريقة الابطال الخارقين من حيث القوة، ويرتدون الكثير جدا من الالوان من حيث الشكل، ولأن تلك البلاد تميزت عن دونها بتقديم افلام الكارتون او ما يعرف ب” مانجا” صنعت آسكا من نفسها نسخة حية من شخصيات افلام الكارتون.
فما لا يعرفه البعض عن آسكا انها فى الاساس لم تكن مصارعة، بل هى مصممة العاب فيديو ورسومات، ولديها تعاقد مع اكبر الشركات وعلى رأسها “نينتندو” حيث تعمل لديهم مطورة منذ فترة طويلة، وهو ما جعلها تعرف كيف تقدم نفسها لتلك النوعية من الجماهير.
أما هنا وبالنسبة للجمهور الامريكي، فقد يراها “البعض” كمصارعة تشبه فتيات الليل بملابسها العارية وطريقتها غير اللائقة فى النزالات، وتكاد تتجاوز الخط الاحمر بالنسبة لما هو ممنوع لمصارعي جيل “البي جي”، وهو ما سيقف بينها وبين الجماهير، وسيأزم حاجز اللغة الموقوف أكثر.
نفس الشئ ينطبق على شينكسي ناكامورا، احد افضل المواهب فى اليابان، والذي يحاول تقديم نفسه بطريقة تشبه الثقافة اليابانية، من حيث الالوان فى الزي الذي يرتديه، وتمايله فى القتال مثل مسلسل الكارتون “ون بيس” الشهير، لكن هذا الامر لم يعد كافيا، خصوصا حين تضع حزام مثل بطولة WWE على كتفه.
كل من ناكامورا وآسكا حرما من أهم ميزة فى انطلاقتهما فى الاتحاد، وهو العنف المفرط, فناكامورا والذي كان يعرف بلقب “ملك الاسلوب القوى” والذي كان احد مقاتلي الفنون القتالية، اضطر للتخلى عن الكثير من ترسانته الهجومية حين تم تحويله للتأقلم في سياسة المشاهدة “بي جي” وبات مجرد مصارع راقص في أعين البعض.
الحل بالنسبة لكلا النجمين لن يأتى ما لم يتعرف كتاب السيناريو بالخطأ، وهو ان لا ناكامورا ولا أسكا يصلحان لتقديمها كأي مصارع فى الاتحاد حاليا، وأن ابعاد المايكرفون عن يدهما هو أولى الخطوات نحو ذلك الحل، ومن ثم يأتى الامر الآخر، وهو اعادة هويتهما اليابانية لهما دون ان محاولة اخرى لأمركتهما.
فان كنت تترك مصارعي المكسيك يرتدون اقنعتهم فى الحلبة، ولا يتحدثون عبر المايكرفون، احتراما لثقافة شعبهم، عليك ان تجعل اليابانيون يطيرون في الهواء وان يسددوا أعنف الضربات بملابسهم الملونة وان يتحدثوا باليابانية فقط احتراما لثقافة شعوبهم ايضا. فما يحدث فى اليابان يجب ان يبقى في اليابان، او يغادرها وهو يابانيا طيلة الوقت.

 

كتابة: محمد بهاء الدين