وثائقيات (5): الفضائح تهدد ماكمان واتحاده بالانقراض

وثائقيات (5): الفضائح تهدد ماكمان واتحاده بالانقراض

الكاتب محمد بهاءالدين بتاريخ 26 نوفمبر، 2015


maxresdefault

يوما بعد يوم، وفينس ماكمان تمتد سيطرته على معظم اتحادات المصارعة حتى انعدمت المنافسة تماما فى وقت ما، بل على العكس اصبح الجميع يحاول كسب وده، بما في ذلك قنوات التلفاز الشهيرة، والتى تسعى جاهدة لعدم اغضاب ماكمان، وكانت العقود التى يوقعها معهم بمثابة المنجم للاعلانات والمشاهدة العالية من قبل المشاهدين. وكان السبب الرئيسي بهوس الجماهير بالمصارعة هو النقلة الكبيرة التى حدثت للمصارعة بفضل سيناريوهات فينس ماكمان وتحويل العرض من مجرد نزالات الى احداث مثيرة تحدث خلف الكواليس لم يكن يعرفها أحد من قبل.

فأصبحت الكاميرات تدخل حتى غرف تغيير الملابس، والى غرف الادارة وحتى موقف السيارات او الى الشارع فى أحيانا كثيرة، وازدادت نسبة المراهقين الذين يحضرون المصارعة بدلا عن كبار السن فى الماضي. كما ان الموسيقى والاغاني التى كانت تظهر بين الحين والأخرى جعلت حتى من لا علاقة له بالمصارعة يجلس امام التلفاز للمتابعة.

وفى ظل كل هذا النجاح كان هناك اسم واحد يقلق فينس ماكمان، وهو جيم كروكيت، الرجل الوحيد فى عالم مصارعة المحترفين الذي قرر الوقوف فى وجه فينس ماكمان وعدم موالاته، وظل جيم يقدم عروضه ويدفع من ماله الخاص طيلة الوقت حتى قرر فى النهاية الاستسلام، ولكنه حتى حين فكر فى الاستسلام لم يكن فينس ماكمان هو وجهته كما فعل من قبله.

بل ذهب الى ملياردير آخر فى مجال الإعلام وهو تيد تيرينر مؤسس قناة سي ان ان الاخبارية الشهيرة. وفى ذلك الوقت كان فينس ماكمان يمتلك حق البث فى قناة تيرنر المملوكة لتيد نفسه، والآن سيتغير كل شئ بعد ان تحول تيد من راعي الى منافس فى مجال المصارعة.

ويحكي فينس بنفسه عن تلك الواقعة ويقول “إتصل بي تيد تيرنر وقال لي مرحبا يا فينس، أنا الآن اصبحت فى مجال المصارعة الحرة، فقلت له انه رائع ان تدخل الى عالم المصارعة، ولكننى فى مجال الترفيه”. فلم يعجب الكلام تيد وقرر على الفور تحويل عرض المصارعة الذي حصل عليه الى اتحاد كبير يضاهى ما يمتلكه فينس ماكمان وقام بتسميته بطولة العالم للمصارعة او WCW.

وبدأت الحرب بين الاتحادين ولكن فينس وWWF كانا متقدمين بأشواط كثيرة، بينما لم يكن تيد واتحاده حتى فى مجال المنافسة، فليس من السهل ان تقارع من هو اطول منكم ما لم تصل الى مستواه فى الأول. ليحصل تيرنر على مبتغاه بطريقة لم يكن حتى ليحلم بها.

كان تيرنر يحتاج الى جسر طائر ليقصر به المسافة الزمنية بينه وبين ماكمان، او الى شئ ما يقف فى طريق ماكمان ويعرقله لبعض الوقت حتى يصل هو اليه. ولأن الاولى مستحيلة فعليا كان من الجيد ان يحظى تيد تيرنر بالثانية فى الوقت المناسب، واتت العرقلة بالنسبة لفينس ماكمان فى شكل فضائح مدوية وقضايا قانونية زجت به الى المحاكم لبعض الوقت.

وكانت اولى تلك القضايا تتعلق بالتحرش الجنسي بين اثنين من الموظفين فى WWF، فتعاملت الادارة مع الموضوع بحسم شديد وتمكنوا من اسكات جميع الاطراف وحلت المشكلة داخليا قبل ان تتفاقهم وتصل الى القضاء، ولكن المشكلة الثانية كانت اقوى واصعب بكثير من ان تحتوى داخليا، وكان ماكمان مهددا بالدخول الى السجن والبقاء لتسعة سنوات كاملة، بالاضافة الى دفع غرامية مليونية ضخمة وفقدان اتحاد WWF الى الابد.

فى عام 1993 تلقى فينس ماكمان مذكرة قانونية اتهم فيها بالترويج لعقار السترويد المحظور بين المصارعين وحثهم على تناوله لتضخيم عضلاتهم بسرعة كبيرة، وهى التهمة التى نفاها ماكمان جملة وتفصيلة ولكنه تفاجأ بشهادة من احد المصارعين الذين كانوا يعملون لديه فى السابق وهو كيفين ولز، والذي اعترف امام القاضي ان ماكمان كان يمده بالعقار ويطلب منه ومن معه من المصارعين المواظبة على تناوله حتى يكونوا بشكل افضل فى التلفاز.

ولكن المصارع المتحمس نسف شاهدته بنفسه حين ذكر فى احدى المرات انه يكره فينس ماكمان كرها شديدا وانهما سبق وتشاجرا من قبل فى كواليس WWF، ولم يكن للقضاء ان يأخذ بمثل هذه الشاهدة المشكوك في نواياها، فيما اتت الشهادة الأهم على الاطلاق من المصارع والاسطورة هولك هوغان والذي اعترف بتناوله المنشط المحضور ولكنه نفى علم فينس ماكمان بالأمر او توزيعه بين المصارعين.

وحتى ماكمان نفسه اعترف باستخدامه للعقار فى بداية الثمانينيات ولكنه لم يطلب من أي احد ان يستخدمه على الاطلاق ولم يقم هو ايضا بتوزيعه بين المصارعين. وبعد مباحثات وجلسات استمرت لوقت طويل تمت تبرئة فينس ماكمان من التهمة الخطيرة واخلى سبيله فورا.

تلقى فينس ماكمان العديد من الوعود من الحكومة الامريكية ان اعترف بالتهمة ليحصل على تسوية ترضى الطرفين، ولكن الرجل اصر على برائته ووضع مصيره بين يدي هيئة المحلفين فى المحكمة الفيدرالية، ليحصل على ما ظل ينادي به منذ البداية وهو البراءة الكاملة. وبعيدا عن المحاكم وبالعودة الى الشركة كانت الأمور تسير من السئ الى الاسوأ.

وقلت كثيرا نسب المشاهدة للمصارعة وايضا قرر العديد من المعلنين ان يأخذوا اعلاناتهم الى منتج اخر لا يخضع الى التحقيقات الفيدرالية ومهدد بالوقوف فى أي لحظة، وحتى ماكمان نفسه لم يكن متفرغا تماما لكتابة السيناريوهات بالنسبة للعروض الاسبوعية او المهرجانات الشهرية فى ظل متباعته للقضية والتى استمرت لمدة عامين كاملين.

لا احد يعرف من اين اتت مقولة حين تغرق السفينة تهرب الفئران، لأنها ببساطة مقولة غبية للغاية، فإلي أين ستهرب الفئران فى منتصف البحر حين تغرق السفينة؟ ولكنها المقولة التى انطبقت تماما على WWF فى تلك الفترة، فحين كان الاتحاد يعانى بسبب تلك القضية غادر الكثير من المصارعين هربا ونجاة بمستقبلهم الى الاتحاد المنافس وهو WCW.

وهو الهروب الذي يشبه هروب الفئران فى المقولة اعلاه من الماء الى الماء. فالتهمة التى وجهت الى WWF كانت تتعلق بتناول المصارعين للعقار منشط ممنوع من قبل وزارة الصحة، اذن فالمتهمون فى الأساس هم المصارعين وليس الدبليو دبليو اف.

بعد نهاية القضية وبراءة ماكمان وجد الاخير شركته فى الحضيض بعد ان ادار كامل انتباهه لها من جديد، ووجد من كان هو يسبقه فى مجال المصارعة قد لحق به وتجاوزه ايضا وهو تيد تيرنر وشركة WCW، كما وجد العديد من مصارعيه ونجومه الكبار بما فيهم هولك هوغان وماتشو مان وكيفين ناش وسكوت هول وغيرهم قد تخولوا عنه وطاردوا المليونير تيرنر وشركته اللامعة. لتبدأ عند هذه النقطة حروب ليلة الاثنين والتى يعرفها الجميع.

الختام

اتمنى ان لا اكون قد اطلت عليكم واشكر حسن متابعتكم

الكاتب: محمد بهاء الدين