وجهة نظر: روندا روزي.. اسطورة صنعها الاعلام وحطمها حقدنا

وجهة نظر: روندا روزي.. اسطورة صنعها الاعلام وحطمها حقدنا

الكاتب محمد بهاءالدين بتاريخ 1 يناير، 2017


c0-_kjdxcae8yji

خسرت وسحقت وتحطمت وأذلت روندا روزي فى نزالها الاخير في عالم الفنون القتالية، خسرت روندا النتيجة، وسحقت بضربات خصمتها، وتحطمت اسطورتها، وأذلها فى النهاية الاعلام والشامتين. كل ذلك فى 48 ثانية فقط خلال مواجهتها لحاملة لقب سيدات وزن الديك أماندا نونيس فى عرض UFC207.

ليأتي السؤال الأهم وهو لماذا؟ لا نتسأل بطبيعة الحال عن لماذا خسرت روندا فى النزال، وان كانت الطريقة الغريبة التى خسرت بها تغرينا لاسالة بعض الحبر (ملامسة لوحة المفاتيح) اكثر من مرة، نحن نتسأل هنا عن عدة اشياء أخرى، وهى لماذا كل هذه الضجة حول روندا روزي، وبالضجة نقصد بالتحديد الشماتة. والسؤال الثاني هو من جعل من روندا روزي اسطورة فى الاساس حتى نعتها بصفة التحطم بعد الخسارة. وحتى لا نزيد من عدد الاسئلة علينا ان نجيب على اهمها أولا.

هل روندا روزي اسطورة حقا فى عالم الفنون القتالية، الاجابة هى لا ولكنها أقرب بكثير من تلك الصفة، فما انجزته روندا روزي عجزت عنه الكثير من السيدات، ومهما اتى من بعدها فأنهن سيظلن مدينات لها كونها كسرت حاجز احتكار الرجال للمنافسة فى اكبر اتحاد للفنون القتالية وهو UFC، فبعد ان ظل دانا وايت يرفض تماما تواجد أى انثى فى حلبته الثمانية، اجبرته روندا على تغيير الفكرة ومن ثم اصبحت تتصدر بنزالها العروض الرئيسية. وبكل صدق وتجرد نقل ان لولا روندا روزي لما عرف أحد واحدة من تلك المقاتلات على الاطلاق.

أذن ما الذي اوصل روندا روزي الى مرتبة الاسطورة ان لم تكن فى الاساس كذلك. والاجابة هى الاعلام وجيش كبير جدا من المعلنين، والذين رأوا فى رفع شأن روندا روزي أمر مفيدا ومدرا للأموال بالنسبة لهم، وكان لهم ذلك حين بدأت روندا تروج للعديد من الماركات الرياضية الشهيرة، وكذلك مستحضرات التجميل، هذا بالاضافة الى دانا وايت نفسه والذي حشد كل امكانياته من اجل تلميع صورة روندا وساعده فى ذلك مسيرته الظافرة بالانتصارات الساحقة.

روندا روزي خسرت فى النزال أمام اماندا نونيس لعدة اسباب تطرق لها المحللين مثل عدم تغيير مدربها المبتدئ، وكذلك الاستهانة بالخصم وعدم الاستعداد له بصورة مدروسة وغيرها من الاسباب الاخرى، ولكن السبب الرئيسي فى رأي وهو خطأ قاتل اقترفته روندا روزي وذلك حين ابتعدت عن الحلبة لوقت طويل للغاية، اكثر من عام وقت كافي لينسى اي رياضي ما يسمي (بالاحساس بالمكان). هذا قتال حقيقي وليس كما يحدث فى عالم سيناريوهات المصارعة حين يعود رجل فى الخمسينيات من عمره مثل غولدبيرغ بعد اكثر من عشرة سنوات ليهزم مقاتل مثل بروك ليسنر.

اذن ان كان الاعلام هو من صنع أسطورة روندا روزي فكيف اذن قام بتحطيمها ولماذا، والاجابة قد لا تكون شافية تماما ولكن ربما كانت العداوة بينهم والنجمة وروندا هي السبب، فالمقاتلة أخذت تتفادى الاعلام وتهاجمه احيانا حتى انقلب عليها، وكل ذلك كان بسبب علاقتها مع المقاتل ترافيس والتى لم ترق للصحافة بسبب زواج المقاتل واتهامه ايضا بالاعتداء بالضرب على زوجته. ومع مرور الايام بات الاعلام لا يطيق روندا روزي وانطلقت موجة الشامتة الأولى بعد الخسارة امام هولي هولم.

لتزيد الحرب بين الاعلام وروندا بعد ان قاطعتهم الاخيرة طيلة هذا العام، ولم تظهر الا مؤخرا ومع برامج محدودة للغاية، كما أن سلوكها فى المقابلات الصحفية الخاصة بالقتال وتحييز دانا وايت الدائم لها زاد من سوء الأمر. فكان الجميع يترقب الخسارة واتتهم بافضل طريقة ممكنة وبطريقة مذلة كذلك، لتبدأ مراسم تشييع اسطورة المقاتلة والتحدث حتى عن امكانية انتحارها بعد ان لمحت لذلك الأمر من قبل.

لنجيب عن سؤال مهم آخر، وهو هل روندا روزي مغرورة، والاجابة هى قطعا لا، وكل من يرى روندا مغرورة فهو لا يفقه فى عالم القتال شئ على الاطلاق، فما تقوم به روندا بعد مصافحتها للخصم في بداية النزال، او تجاهله تماما فى المقابلات، وكذلك التحدث باستخفاف عنهن هو يطلق عليه بالسلوك العدائي “أتيديود” المقاتل. ان كانت روندا مغرورة فمحمد علي كلاي كذلك، فهو ملك العدائية ولكنه صاحب ابيض واطيب قلب والاكثر انسانية.

لم يسبق ان تحدثت روندا باستخفاف عن الجمهور او تحدثت بتعال عن نفسها فى اي مقابلة تلفزيونية، ولم يسبق ان وصفت نفسها بالافضل او حتى الاسطورة، بل كانت متواضعة للغاية وحرصت على شكر الجماهير دائما، وبل وحتى انها كانت تشاركهم فى تدريباتها المفتوحة بين الحين والاخرى، ولها العديد من المساهمات الخيرية. الغرور الذي يتحدث عنه الجمهور يمكن ان نجده عن الملاكم مايوزر او المقاتل كونور ماكريجور.

فى النهاية لا أعلم سبب الشماتة فى خسارة روندا روزي، ولكننى قد اشببها بما يحدث للنجم رومان رينز فى المصارعة الحرة، ومن قبله جون سينا. وهو ما يدفعنى لسؤال ترددت كثيرا فى طرحه..

هل نحن حاقدين؟

لماذا كنا نهتف ضد دانيال براين حين فاز بأول مرة بحزام الوزن الثقيل وهو يستخدم حقيبة النقود ضد بيغ شو، لماذا كنا نعد الايام حتى يخسر تلك البطولة ونصفه باشباه المصارعين، وهللنا جميعا وضحكنا حين قضى عليه شيمس فى بضع ثوان. ومان ان اصبح محروما حتى عدنا لتشجيعه.

وبالعكس، لماذا كنا نهتف لرومان رينز ونشجعه بعد ان انطلق وحيدا عن فريق الدرع، لماذا كانت الجماهير تقف على اقدامها ووتسابق للمس يده اثناء دخوله وهو يطارد حزام البطولة، وكان المفضل لدى الجميع، ولكن ما ان عرفنا انه المفضل للرئيس حتى تخلينا عنه ونحن نصفه بالاسوأ على الاطلاق.

لماذا سي ام بانك هو المفضل لدينا ويرى فيه الجميع المنقذ والبطل خصوصا بعد ان فجر قنبلته الكلامية والتى اعترف هو لاحقا بنفسه انها كانت مجرد سيناريو، لماذا وقفنا مع سي ام بانك ضد النجم الكبير ذا روك، مع ان المبيعات وارقام المشاهدة والتفاعلات والارقام القياسية وعدد الجمهور واهتمام الاعلام وكل ما قدمه ذا روك لنا كعشاق للمصارعة فى بضع ليالي تفوق على ما ظل يفعله سي ام بانك وهو بطل لعام كامل، بل وتفوق باضعاف الارقام

لنأتى الى السؤال الاهم: هل نحن نحب سي ام بانك ونراه الافضل لأنه حاقد مثلنا؟ سي ام بانك موهبة اكثر من رائعة فى عالم المصارعة ولكنه كشحص صاحب قلب أسود ورجل أناني لا يهتم الا بنفسه، وهو الذي كشف عن ذلك الأمر حين انقلب على اصدقائه وظل يكيل السباب للجميع وكأنه ملك المصارعة، مع انه لم يقدم ربع ما قدمه جون سينا، ولم يصل حتى الى واحد فى المائة مما فعله ذا روك او حتى تربل اتش الذي جعله عدوه الأول.

بمناسبة العام الجديد علينا ان نراجع نفسنا ونفكر قليلا بعيدا عن العواطف، علينا ان ننظف قلوبنا وان لا ننساق وراء الغير دون تفكير، ما حدث لروندا روزي هو درس مهم للغاية لنا وكل عام وأنت بخير

كتابة: محمد بهاء الدين