وجهة نظر: ما الذي استيقظ في مات هاردي؟

وجهة نظر: ما الذي استيقظ في مات هاردي؟

الكاتب محمد بهاءالدين بتاريخ 11 يناير، 2018


الابتكار وخلق الشخصيات الجديدة هو أول خطوة نحو سيناريو مميز فى مصارعة المحترفين، ومن ثم تأتي الخطوة الثانية والتى لا تقل اهمية وهى كتابة سيناريو تصاعدي لتلك الشخصية يجعل المشاهدين يرتبطون بها ويحرصون على متابعتها من عرض الى آخر، مع اجتناب اخطاء بسيطة مثل التكرار او إيصال المشاهدين الى حد الإشباع سريعا.

وخلال تلك الفترة يتم اضافة العنصر الدارمي للشخصية الجديدة حتى يأخذ السيناريو معنى وصورة اكبر من عروض المصارعة، ليصبح ذلك المصارع هو تجسيد حقيقي لفكرة قام زرعها كتاب السيناريو فى البداية بعقول الجماهير. الامثلة كثيرا لمثل هذه الشخصيات، نأخذ منها أندرتيكر، كين، وحاليا براي وايت.

جميع تلك الشخصيات يمكن وضعها على الورق كأي شخصية آخرى فى عروض المصارعة حين يتم وضع السيناريو العام للعرض. بروك ليسنر، رومان رينز، جون سينا، غولدبيرغ، دانيال براين، وغيرهم.. كلها شخصيات مختلفة بقصص متغيرة، لكن ما يجعلها تختلف عن شخصيات اندريتكر، كين، براي وايت هو عدم تواجد البعد الدرامي والانساني.

بروك ليسنر هو شخصية فى عرض الرو، قوي وعنيف ومتطرف للغاية، يساعده فى ذلك جسد مفتول العضلات وضربات قاسية من خلال احترافه للفنون القتالية.

جون سينا شخصية بين عرضي الرو وسماك داون، شخصية محبوبة ويدعم الخير ويساند الجميع طيلة الوقت، قوى جدا فى الحلبة ويتحمل الكثير من الضربات ولا يستسلم ابدا.

رومان رينز القوي، سيث رولينز المخطط، دين أمبروز المجنون، جيندر ماهال المغرور، كيفين أوينز وسامي زين، كلها شخصيات بسيناريوهات مختلفة تتغير حسب العداوة ولكنها تحافظ على ذلك الجوهر الذي يجعلها فريدة عن البقية.

ولكن كل ذلك داخل الحلبة وعروض المصارعة. فيما يكون الوضع مختلف تماما حين نرى براي وايت، ذلك المصارع الذي يمتلك صورة أوسع من الجميع، فهو قد أتى من مكان مهجور، وتمت تربيته على يد شقيقة غامضة “ابيجال” ملأت قلبه بالكراهية والحقد على الجميع، تلك المشاعر التى يستمدها من روح شقيقتها التى لا يعرف أي أحد شئ عنها.

كين وأندرتيكر أخوين غير شقيقين، أتيا من مكان مظلم وبعيد “وادي الظلال” وعلى الرغم من تلك العلاقة الا ان الكراهية بينهما لا تنتهى بعد أن كان اندرتيكر السبب في احتراق وجه اخيه كين اثناء اضرامه للنار في منزلهما ووفاة بقية افراد العائلة.

على مر السنين نادرا ما تقدم الادارة سيناريوهات لها أبعاد آخرى بعيدا عن المصارعة، وذلك لصعوبة الامر على كلا الطرفين، كتاب السيناريو والمصارعة، ففريق الابداع يفضل الشخصية المرنة والتى يمكن تغييرها تماما من عداوة الى أخرى، وهو ما يصعب مهمتهم بالنسبة لشخصيات ذات بعد درامي، وبالنسبة للمصارع سيكون الأمر صعبا كونه سيتوجب عليه الاحتفاظ بتلك الشخصية في حياته الخاصة والابتعاد عن وسائل الاعلام بقدر الامكان. لذا نادرا ما نرى مقابلات مع اندرتيكر وبراي وايت.

الآن ظهرت شخصية جديدة فى عروض المصارعة وهى “المستيقظ” مات هاردي، والذي كان قبلها قد وضع بعد درامي لتلك الشخصية “المحطم” حتى قبل ان يأتى الى اتحاد WWE، ولكن للأسف رفض بعض الجماهير قبول تلك الشخصية او متابعتها، فيما ابتهجت الغالبية بعد ان كانوا ينتظرون اشهر طويلة لتحول مات هاردي الى المحطم، وذلك رغبة فى التغيير والابتعاد قليلا عن ملل السيناريوهات الحالية.

اما بالنسبة للقليل ممن لم يتقبلوا تلك الشخصية فقد يكون لهم الحق فى ذلك، فالشخصية التى يقدمها مات هاردي حاليا ومع أنها تقدم بعد دارمي الا انه يتنافى تماما مع الواقع المجرد، وهو ما يلغى منه المصداقية ويضعه فى قائمة الشخصيات الخيالية.

فمات هاردي يتحدث عن كونه كان يحارب مع جيوش الروم، وانه قاتل مع الكساندر الأكبر، وغيرها من الادعاءات التي لا يمكن لشخص حاليا ان يقوم به، وبذلك بات لا يمكن وضعه في خانة شخصيات واقعية مثل براي وايت وكين وأندرتيكر وغيرهم، بل مع الشخصيات الخيالية مثل ماكس مون “القادم من الفضاء” وذا ياتي “المومياء”.

ولكن مع ذلك لا يمكن التقليل ابدا من الشخصية التي يقدمها مات هاردي، فالفاصل بين سذاجة الشخصية او جديتها هو نجاحها جماهيريا وتقبل المشاهدين لها، وبما ان مات هاردي تمكن من ذلك فهذا ما يهم فينس ماكمان في النهاية. والاهم من ذلك أيضا اتقان مات لاداءها والتزامه التام بتجسيدها حتى وهو بعيد عن المصارعة الحرة.

ولكن من وجهة نظري الشخصية، أرى ان ما يحدث بين براي وايت ومات هاردي لا يترقى الى مسمى عداوة، فما المثير في ان يقف شخصين بالغين، ومن المفترض ان يكونا مرعبين، أمام بعضهما ويكتفيان بالضحك، لماذا تحولت العداوة الى من يضحك بصورة سخيفة أكثر من الآخر. وما الذي جعل الضحك في الأساس أمر مثير.

بالقاء نظر على ما قام به براي وايت لتعزيز صورة شخصيته وما يقوم به مات هاردي، فالنجم الأول افضل من خصمه بعدة أشواط، براي وايت الذي التزم بالواقعية طيلة الوقت، أرعب خصوما مثل جون سينا باستغلال نقطة قوة الأخير وتحويلها الى ضعفه حين قام باستخدام معجبيه من الأطفال وتحويلهم الى قطيع من الماعز اثناء عداوتهما الشهيرة معه. وهو من استخدم الدماء والظلام والعنف المفرط لتخويف الكثير جدا.

بينما مات هاردي مازال يصر على الحديث عن نفسه طيلة الوقت، وكيف تمكن من الصمود في عصور الظلام في أوروبا، وكيف قاتل مع قيصر الروم ووقف بجوار كسرى الفرس، بل وأنه يعرف سيستر ابيغال قبل براي وايت نفسه والروح الشريرة هناك، وغيرها من الاحاديث التي لا تصلح سوى للقصص المصورة.

على كل من براي وايت ومات هاردي ان ينقلا تلك العداوة الى مرحلة أخرى اكثر عنفا وتطرفا، وبطريقة مبتكرة تتماشى مع شخصيتهم، فمصارع عنيف مثل اندرتيكر كان يمكنه ان يعتدى على خصومه بأي طريقة، لكنه التزم بالشخصية واصر على استخدام التابوت اغلب الوقت، وكذلك الوحش كين مع لجوءه الدائم الى النار.

في النهاية قد يرى مات هاردي وفينس ماكمان ان ولع الجماهير بتلك الشخصية كاف ليتم تقديمها كما هي، والاعتماد على الضحكات بينه وبين براي وايت طيلة الوقت، تماما كما ظهر في مقطع فيديو في قناة الاتحاد حين تركوا ضحكة مات هاردي تتردد لمدة عشرة ساعات متواصلة، وكأنها أهم ما في شخصيته. فما يجذب المشاهدين في المرتبة الثانية وما يريده فينس ماكمان في المرتبة الأولى هو ما سيتم تقديمه في سيناريوهات المصارعة.

 

كتابة: محمد بهاء الدين