كنت قد قررت ان لا اكتب اي تحليل او مقال عن ما حدث فى مهرجان راسلمينيا بين رومان رينز وأندرتيكر نسبة لحساسية الموضوع كونه يتعلق بواحد من أفضل ممن انجبتهم حلبات المصارعة الحرة منذ بدايتها، وهو الظاهرة اندرتيكر والذي قرر ان يتوقف عند هذا الحد ويسلم الراية لمن بعده فى اجيال المصارعة الحرة، ولكننى لاحظت الهجوم الشديد على رومان رينز من قبل الجماهير فى المدرجات وهو أمر بات معتاد بالنسبة للنجم الشاب وان زاد قليلا بعد اعتزال الظاهرة، ومن ثم الهجوم عليه من قبل المعلقين فى الموقع هنا وهو أيضا أمر معتاد، وفى الآخير كتاب الموقع ايضا وبالتحديد الاستاذ احمد زهران ، لذا قررت ان ادلي برأي ايضا حول ما يحدث.
الجميع يعرفون اعجابي بالنجم الشاب رومان رينز، والذي ارى فيه تجسيدا لنوع معين من المصارعين حين كنت اشاهد المصارعة سابقا حين بدأت اتابعها عام 1998، بعيدا عن الاستعراض والتمثيل المبالغ فيه، وقليل الكلام وبعيدا ايضا عن السيناريوهات السخيفة والمزاح طيلة الوقت، فهو ليس دين أمبروز الذي يسكب العصير والفشار فى خصمه، وليس مثل سيث رولينز يهرب من الحلبة من خصومه، بل مجرد مصارع قوي يضرب بقوة فى الحلبة.
رومان رينز تغلب على اندرتيكر، أمر عادي وأكثر من عادي كون العديد من المصارعين من قبل تغلبوا على اندرتيكر حتى وهو فى عز قوته وشبابه وبصورة نظيفة. وتغلب عليه فى راسلمينيا وهو أمر فعله بروك ليسنر ايضا من قبل. والاختلاف فقط يأتي فى انه تسبب فى اعتزاله او هكذا يعتقد البعض، مع ان الجميع يعرفون ان الرجل الميت بات شبه ميت بالفعل بعد الاصابات والالام التى يعاني منها وحوجته للعملية الجراحية والابتعاد قليلا عن الحلبة، لذا اعتزاله أمر حتمي ولا يجيب ان يثير مثل هذا الجدل.
لنأتي بعد ذلك الى لحظة ظهور رومان رينز في عرض الرو والتى جعلتني اتأكد من نجاح شخصية رومان رينز حتى وان زعم عكس ذلك الجميع، ودعوني أوجه سؤال مهم للغاية، اليس من الغريب ان يتم بث فيديو لوداع اندرتيكر ومن ثم يتم الدفع برومان رينز مباشرة، الا يدفعكم هذا للتفكير ان فينس ماكمان يتلاعب بكم وانتم تفعلون تماما كما يريد، ولماذا اعطى رومان رينز كل هذا الوقت فى الحلبة، كان بالامكان قول جملته هذه فى اول دقيقة لأن صوته سيكون أعلى وهو يحمل المايكرفون رغم هتاف الجماهير.
وبالعودة الى ما ذكرته زميلي أحمد زهران والذي اعتبر نفسي من اشد المعجبين بكتاباته وكنت احرص على قراءة تحليله لعروض الرو أكثر من العرض نفسه وكذلك مقالاته المميزة من خلال فقرة الوصايا. هذه المرة يشرفني ان اختلف من الاستاد أحمد فيما قال ان رومان رينز فاشل، خصوصا تلك الفقرة التى ذكر فيها ان كل من يتحدث عن رومان رينز بصورة ايجابية يفعل ذلك للتملق من فينس ماكمان. لينضم بذلك الى فكرة نظرية المؤامرة حول رومان، وسؤالي هو اذا كان الجميع يتملقون الا تستغرب عدم وجود اي شخص قام باستهجان رومان رينز حتى وان كان من الصحفيين المعروفين، ماذا عن فينس روسو والذي ظل يهاجم ويسخر من فينس ماكمان وفقدانه للمسته علنا، ولكنه مع ذلك اشاد بموهبة رومان رينز، ماذا عن رايباك، سي ام بانك، ام في بي، وغيرهم من الاسماء التى تكره فينس ماكمان، لماذا لم ينتقدوا رومان رينز.
المثل الاشهر فى عالم المصارعة الحرة يقول “If you can get fans to boo or cheer you, half the work is done – ان تمكنت من جعل الجماهير تهتف لك او ضدك فنصف العمل قد اكتمل”، وهو ما ينجح فيه رومان رينز بشكل منقطع النظير ولا يوجد أحد مثله فى الجيل الحالي أو حتى قبله. ما منع فينس ماكمان من معاقبة تربل اتش خلال فضيحة CURTIAN CALL كانت جملة ذكرها له وهى ان عالم المصارعة عبارة عن صناعة الحدث ونحن صنعنا الحدث، الآن رومان رينز يصنع الحدث بشكل متواصل.
شخصية رومان رينز ناجحة تماما وان كابر الجميع لأنهم بذلك يؤكدون ذلك النجاح، المشكلة تمكن فى خط فاصل رفيع للغاية لم ينتبه له أحد بسبب انقيادهم وراء العواطف، وهو عبارة عن اجابة لسؤال معين، ماذا لو كان رومان رينز مصارع بالشخصية الشريرة ولكن بصورة حديثة.
المصارعة الحرة تغيرت تماما وبشكل جذري مع ظهور مواقع التواصل الاجتماعي وانتشار التسريبات التى تفسد الأمر على كتاب السيناريو، وكذلك صور المصارعين خلف الكواليس وهم سويا تفسد صورة المصارع الشرير، فحين نرى بروك ليسنر وهو يضرب راندي أورتن بصورة دامية فى الحلبة ومن ثم نراه يحقق امنية الاطفال او يظهر مع راندي نفسه يتنافى الأمر تماما مع صورة الوحش، لذا نرى الجماهير تسانده فى وجه الشخصية الطيبة مثل غولدبيرغ.
لذا كان يجب ان يواكب فينس ماكمان العصر الحديث او ما يطلق عليه عصر الواقع، وهو ان يقدم شخصية تعتمد على الواقع المجرد خارج وداخل الحلبة، فتقديم الشخصية الطيبة أمر سهل للغاية كونه يتماشي مع ما يحدث فى الحلبة وخارجها، الا اذا اقدم المصارع على جريمة انسانية ضد القانون فى حياته الشخصية وهو ما لا يحدث عادة.
اما الشخصية الشريرة فهى الاصعب للاسباب التى ذكرناها سابقا، لذا اتت النسخة الحديثة من تلك الشخصيات متمثلة فى رومان رينز بالتحديد، مصارع تكرهه الجماهير مهما فعل وتكرهه بصدق ولكنها فى الواقع تهتم بكل ما يفعل وتتابعه بشغف شديد. وهو ما نجح فينس ماكمان فى فعله وعلى كل من يعتقد ان الرجل العجوز فقد لمسته ان يفكر مرة أخرى.
رومان رينز انطلق مع اعضاء فريق الدرع ولكنه عبر مواقع التواصل الاجتماعي الاكثر جماهيرية من دين أمبروز وسيث رولينز، على عكس ما يطالب الجماهير بدفع واحد منهما فى الواجهة، رومان رينز الاكثر مبيعا فى متجر الاتحاد على عكس هتافات الجماهير، الحادثة التى وقعت مع ساموا جو ورومان رينز حين ازدحمت الصفوف لالتقاط الصور معه تثبت ذلك.
وحتى على صعيد موقعنا هنا، راجعوا بانفسكم اخبار نجومكم المفضلين، أي جي ستايلز، دين أمبروز، سيث رولينز، فين بالور، وغيرها، ستجدون الرغم على عدد التعليقات لا يتجاوز العشرة او العشرين، والآن انظروا الى أحدث اخبار رومان رينز، سترون انكم من تصنعون نجومية الرجل بقرابة الثلاثمائة تعليق، وهو ينافي تماما عكس ما تهتفون به.
كيف تريدون من فينس ماكمان ان يتخلى عن مصارع او يغير شخصيته وانتم وغيركم تساهون فى زيادة نجوميته، أن كنتم حقا لا تطيقون رومان رينز فلماذا لا تتركونه وتتجاهلونه وتذهبون لمتابعة نجومكم المحبوبين، فينس ماكمان لن يتوقف عن الدفع برومان رينز لأنه مصارع بناه بديه فى شكل شخصية شريرة مخفية تحصل على تعاطف البعض واستهجان الكثير دون ان يفسد وجهه فى الإعمال الخيرية.
كتابة: محمد بهاء الدين