الحلقة الثانية
جلس رومان وحيدا فى منزله تلك الليلة ولم يكلف نفسه حتى عناء اضاءة المكان وترك نفسه يغوص تماما فى الظلام، و بينما كانت جميع عضلات جسده مرتخية الا ان عقله كان يعمل كالماكينة، وكانت مخيلته تتنقل بين الافكار من سيئها الى الاسوأ، وهو يحاول ان يعرف سببا واحدا يجعل فينس يغدر به ويضعه فى هذا الموقف.
فالامر بدأ على انه سيناريو على طريقة الواقع، فكرة جديدة من فينس لاضافة الكثير من الحماس والتشويق لعروض المصارعة بعد ان عزفت الجماهير عن الاحداث التى تقع فى الحلبة، خصوصا وان لا جديد بات يمكن تقديمه.
واقنعه فينس بأنه الانسب لهذا الدور، لعدة اسباب، اهمها ان الجماهير في الاساس لا تطيقه، وان قيامه بخيانة صديقه وابن عمه ستلفت انتباه الجميع، وسيتابعون ذلك السيناريو بكل حرص، وفى المقابل لن يتأذى احد وسيحرص هو على التدخل فى حال تطور الامر وبات قريبا من الخروج عن السيطرة.
وهو ما حدث بالفعل وتفاقم الموضوع وكان على وشك فقدان حياته بطلقة من مسدس جيمي، وفي حين كان يجب ان يتدخل فينس ويوقف هذا السيناريو، انقلب عليه الاخير وقام بخيانته وثبت عليه الامر وبات هو الان في موقف متأزم للغاية، خصوصا وان لا احد يعرف حقيقة هذا الاتفاق الا هو وفينس ونايومي، وبما ان الاخيرة فى نفس موقفه، وهي الان قد انفصلت عن زوجها وسافرت الى اهلها، لا يوجد احد سواه فى وجه المدفع.
تعب رومان من التفكير خصوصا وان لا مخرج او حل واضح أمامه، لكنه كان يعرف انه يجب ان يتحرك بسرعة، وان كل ثانية يقضيها وهو فى هذه الحالة ليست فى مصلحته، لذا قرر ان يبدأ بالاهم، وهى العائلة، فأن تمكن من جمع بعض اقاربه الى جنبه سيدعم ذلك موقفه امام جيمي، ومن ثم يعود للتصرف مع فينس.
اخرج المحمول من جيبه وقام باجراء اول اتصال منذ تلك الحادثة، وحين سمع صوت مجيبه اسرع بالتحدث دون توقف وكأنه يخشى ان يفوت الوقت.
– نايا .. مرحبا.. انا رومان.. بخير بخير.. اسمعى، هناك موضوع مهم للغاية اريد ان احدثك فيه، والحقيقة اننى بت لا اثق فى احدهم حاليا، واحتاج لمقابلتك فورا.. حسنا .. نعم فى المنزل .. قريبة مني ؟؟ لا لا تحضرى بايج معك .. دعيها تذهب.. حسنا فى انتظارك..
وقف رومان امام النافذة وهو يراقب جميع السيارات التى تتحرك امامه في انتظار ان تقترب احداهما من المنزل وتخرج منها نايا، وبالفعل لم يمض على وقوفه طويلا كما اعتقد هو حتى وجد سيارة قريبته امام باب منزله.
دخل الاثنين الى المنزل ورومان يمسك بيدها وهو يقودها ناحية الكرسي بينما كانت هى تطلب منه ان يضئ المكان اولا ومن ثم يهدأ.
– اسمعيني جيدا يا نايا، فالموضوع خطير للغاية، وقد افقد حياتي بسببه، لقد وقعت ضحية لعبة كبيرة من فينس، وهو غير مدرك حتى لخطورتها.
توقف رومان عن الحديث حين شاهدت جميع علامات التعجب تترسم على ملامح نايا، وقالت له.
– اسمعني يا رومان، انت بمثابة اخى، لكن ارجوك لا تضعنى فى اي مشكلة مع فينس، لقد بدأت للتو مسيرتى فى عالم المصارعة، ومؤخرا بدأت احصل على دفعات للحدث الرئيسي.. ارجوك لا تفسد على الامر.. لا اريد ان اسمع منك اي كلمة الان.
– وقف رومان وهو ينظر اليها بالكثير جدا من الغضب وقال لها:
– اخبرك بأننى قد أقتل، وتتحدثين انتى عن المصارعة والحدث الرئيسي.. جيمي يحمل مسدسا في هذه اللحظة وهو يبحث عني ليقتلنى لأننى خنته مع نايومي.
اتسعت عيني نايا من الذعر ووقفت وهى تبتعد عن رومان وكأنه هو من سيقتلها وأخذت تردد:
– جيمي ونايومي.. خنت من؟ عليك اللعنة يا رومان، ماذا فعلت، ولماذا اتيت بي الى هنا.
عاد رومان ليمسك بها وطلب منها ان تهدأ حتى يخبرها القصة كاملة، وبالفعل اخذ منه الامر بضع دقائق حتى انتهى تماما من سرد جميع التفاصيل لقريبته، والتى كانت في قمة الاستغراب مما يقوله رومان:
– اسمعنى يا رومان، ما تقوله أمر لن يصدقه اي أحد، وحتى انا الذي اعرفك جيدا اجد صعوبة فى تقبله، لكننى ساجاريك وساقدم لك نصيحة مهمة للغاية لأننى لن استطيع ان اساعدك فى أي شئ.. هناك شخص واحد يمكنه ان يساعدك، انه دوايين ذا روك.. فهو يحظى باحترام جميع العائلة والاخوين أوسو يحبانه جدا.. اذهب اليه.
بالنسبة لرومان فلم يكن التفكير فى هذا الامر مهما، لأنه كان اشبه بالغريق والقشة، لذا وافق فورا على اقتراح نايا، والتى بدورها طلبت منه ان يذهب لوحده لأنها لا تريد ان تظهر وكأنها فى صفه فى هذه المشكلة العائلية الكبيرة، كما ان علاقتها بالاخوين أوسو أكثر من رائعة وتحاول الحفاظ عليها.
يعرف رومان جيدا ان شخص مثل دوايين من الصعب للغاية ان يكون متفرغا، لذا قام بالاتصال به اولا قبل الذهاب الى منزله، وتفاجأ حين رد عليه دوايين مباشرة دون المرور بالرد الألى كما كانت عليه العادة:
– مرحبا دوايين، انا اسف جدا على ازعاجك، لكننى فى موقف صعب للغاية ولا مكان الجأ اليه ولا شخص يمكنه ان يساعدني سواك.. الموضوع معقد ويجب ان اقابلك حتى ..
قاطعه دوايين عبر الهاتف وهو يخبره بأنه اتصل به فى الوقت المناسب وانه ايضا يبحث عنه وطلب منه القدوم الى منزله مباشرة.
شعر رومان بالكثير من القلق من دعوة ذا روك له بهذه السرعة، لكنه طمأن نفسه بأن الامر لا يعدو مجرد عرض دور سينمائي عليه كان قد طلب هو منه فى السابق.
لكن ما ان اقترب رومان من منزل دوايين حتى زادت شكوكه حين لاحظ وجود الكثير جدا من السيارات فى الخارج، لكنه مرة أخرى ظل يخدع نفسه بأن شخصية مثل ذا روك من الطبيعي ان يتواجد العديد من المشاهير معه طيلة الوقت.
لكن الحقيقة صدمته بقوة حين دخل الى المنزل ووجد الكثير جدا من افراد عائلته فى الحديقة الأمامية، وذا روك يشير اليه وهو يقول:
– ها قد اتى، كنت اعرف انه لن يحرجني أمامكم.
لكن صوت آخر غاضب انفجر فى المكان وهو يصرخ:
– ساقتلك يا رومان، لن يخلصك احد مني.. ساقتلك.. لقد دمرت اسرتي.
وعرف رومان فورا صاحب الصوت، انه عمه راكيشي، والذي كان غاضب بسبب ما حدث لابنه.
حاول رومان ان يحتمى بدوايين كونه الاكثر عقلانية بين جميع افراد عائلة “أنوا” المتوحشة، وهمس فى اذنه قائلا:
– دعنا نبتعد قليلا، سأشرح لك الامر وستعرف كل شئ
لكن ابتسامة ذا روك البيضاء اعادته للواقع مرة اخرى وهو يخبره:
– لا تقلق رومان .. انت تعرف عمك راكيشي وطبعه، لكنه وعدنى بعدم لمسك حتى نفهم الامر.. ما قمت به لا يغفر وحتى انا غير قادر على ايجاد عذر لك، لقد كان فينس هنا وشرح لي الموضوع، وهو ما اغضبنى فى البداية لاننى كنت اتوقع ان تحل الأمر كرجل بدلا من الاتفاق على الكذب مع شخص مثل فينس بأنه سيناريو.
هنا فقط ادرك رومان انه تأخر كثيرا، ففينس سبقه فى هذه الخطوة ايضا، أو انه كان يخطط لكل شئ منذ البداية. والان هو كالغبي القى بنفسه فى عرين الاسد وهو يقف بين العشرات من افراد اسرته الغاضبة ولا شئ يقوله ليدافع عن نفسه.
ولكن لماذا.. لماذا يفعل فينس هذا به؟
يتبع…
الكاتب: محمد بهاء الدين