رواية قصيرة: اللعبة (الموسم الثاني – الحلقة الأخيرة)

رواية قصيرة: اللعبة (الموسم الثاني – الحلقة الأخيرة)

الكاتب محمد بهاءالدين بتاريخ 12 سبتمبر، 2018


كوب الماء على طاولة المطبخ، بينه وبين رينيه يونغ اقل من متر، لكنها شعرت وكأن آلاف الاميال تفصله عنها، انهكها التفكير الكثير، وشلها الخوف، سكن الرعب فى عظامها وبات يجري مع الدم في شرايينها. كل شئ انهار ودائما ما تجد نفسها عند نقطة البداية، كلما ترى انها اقتربت من النهاية يتضح انها لم تبرح مكانها من الاساس.
جرجرت اقدامها حتى وصلت الى ذلك الكوب وافرغت محتواه بشراهة لتطفئ النار بداخلها ومن ثم جلست وهى لا تدري ما الذي سيحدث لاحقا، لكنها ظلت على هذه الحالة من اكثر من يومين، فالوضع لم يتغير منذ ان زارت رومان رينز لأول مرة. زوجها فى الخارج يطارده الموت وهى غير قادرة على حمايته، وبعد ان ظنت ان معرفتها لهوية القاتل ستحل المشكلة اتضح انها لم تكن تعرف المشكلة من الاساس، فلا رومان رينز يريد الانتقام ولا يبدو ان سيث رولينز يفكر فى التوقف قريبا. وقد يكون الحل هو الاتصال بالشرطة، حتى وان لم يكن لديها دليل على ما ستقوله.
بقيت رينيه على هذه الحالة لبعض الوقت قبل ان ينفجر باب المنزل بصوت خبطات قوية، فنهضت وفى رأسها الف سؤال وقدميها غير قادرتين على التحرك، ليأتيها صوت دين أمبروز من الخارج ضعيف للغاية وهو يصرخ:
– رينيه .. رينيه .. افتحي بسرعة.. رينيه..
هرولت على الفور ناحية الباب وفتحته بكل لهفة، لتجد دين يحاول ان يقف بصعوبة والدماء تسيل على صدره. ومن ثم لمحت سيث رولينز ينزل من سيارته فى الجهة المقابلة للشارع قبل ان يسرع بالاتجاه ناحيتهما. تجمدت تماما وهو ترى سيث يقترب اكثر والشرر يتطاير من عينيه، لكن دين قام بدفعها بقوة شديدة الى الداخل واسرع بأغلاق الباب خلفهما قبل ان يسقط على الارض.
خرجت رينيه من حالة الدهشة التى كانت فيها، ومن ثم اسرعت ناحية دين للاطمئنان عليه، بينما كان يشير اليها لاحضار المسدس فورا، لكن ضربات سيث رولينز القوية على الباب لم تجعلها تسمعه، خصوصا وان الاخير كان يصرخ بين تلك الضربات:
– افتحي يا رينيه.. دين .. سوف أقتلك … رينيه ..
وبالفعل بدأ الباب ينهار تحت ركلات سيث رولينز، وتراجع دين وهو يجر نفسه على الارض حتى اتكئ على خزانة المطبخ وهو يواجه باب المنزل مباشرة استعدادا لدخول سيث المتوقع، ولم تمضى ثواني حتى كان الاخير قد كسر الباب وادخله نفسه عنوة.
نظر سيث الى رينيه لبعض الوقت، والتى كانت تبكي وترتجف من الخوف، ومن ثم نظر الى دين أمبروز الذي كان امامه مباشرة وهو على الارض غير قادر على النهوض. مرت ثواني قليلة على هذا المشهد ومن ثم تحرك سيث رولينز، اتجه بخطوات سريعة وغاضبة ناحية دين وهو يطلق الكثير من السباب له واستعد للانقضاض عليه.. لكن.. صوت رصاصة قوي دوى فى المكان.. وعم بعده الصمت تماما..
ظل الجميع فى مكانهم دون حراك، دين على الارض، سيث واقف امامه، ورينيه يونغ خلفهما وهى تحمل مسدسا يخرج من فوهته بعض الدخان.. ومن ثم .. سقط سيث رولينز .. سقط بعد ان سكنت تلك الرصاصة صدره تماما.. سقط على ظهره وسالت الدماء لتحيط به واتجهت حتى وصلت قدمي رينيه.
انتهى كل شئ الان.. سقط المسدس من رينيه وهى تبكي، وسقطت هي بعده على ركبتيها ونظرها لا يفارق سيث رولينز بعد ان تحول الى جثة هامدة. لكن نظرته المعاتبة اليها لم تتغير على الاطلاق، فاطلقت صرخة طويلة وهي غير مصدقة لما حدث.. وانخرطت فى نوبة بكاء لم توقفها الا صوت دقات قوية ومتواصلة.
ورفعت رأسها لترى دين امبروز يضرب بمؤخرة رأسه خزانة المطبخ، وثم ارتسمت ابتسامة على وجهه .. لتتحول الى ضحكة مجلجة، قبل ان ينهض ليقف على قدميه وكأنه فى افضل حالاته الصحية ولا يعاني من اي شئ، خصوصا تلك الاصابة التى رأتها قبل قليل.
اتجه أمبرز ناحية رولينز وهو ينظر اليه بطريقة شامتة وقال:
– الحب.. كل ما تحتاجه هو مجرد شرارة لتشعل النار فى قلب العاشق.. لقد اخبرته بأنني ذاهب الى المنزل لاقتلك… هل تصدقين.. لقد اتى الى هنا لانقاذك..
واصل دين طريقه وتعمد ان يدوس على سيث رولينز وهو يتخطاه ناحية احد الكراسي، بينما كانت رينيه لا تزال ترتجف وهى لا تفهم تماما ما يحدث أمامها. سحب دين الكرسي وهو يقترب من الاثنين ومن ثم جلس عليه بصورة مقلوبة ووضع رأسه على ظهر الكرسي وقال:
– مسكين سيث .. لم يكن ابدا ضمن خططي.. لقد كشف أمري اليوم بعد ان اخبره تربل اتش بانه لم يشركني فى سماك داون، واخبره الغبي ايضا بأنني مريض نفسيا وان ابتعادي عن الحلبات لم يكن بداعي الاصابة، بل لتلقى العلاج.
الدهشة والكثير جدا من الرعب كانا يرتسمان فى وجه رينيه وهى تتمتم:
– دين .. ماذا يحدث ؟
عاد الاخير للضحك ونظر اليها طويلا وقال:
– اريد حقا ان اشرح لك.. اشعر بانني ساستمتع كثيرا بفعل ذلك، لكن لا أعتقد ان لدينا الوقت لكل هذا الحديث، لكن يجب ان تعرفي ان ما حدث لصديقي رومان لم يكن ليمر هكذا.. الامر بسيط.. لقد اخطأتم وكان يجب ان تتم معاقبتكم.. هكذا هي عدالة السماء، وانا مجرد مبعوث منها.
نهض دين وهو يتجه الى المطبخ من جديد وواصل حديثه:
– لقد سقطتم بنفس التسلسل، استدرجت جيمي وانا من دفعته ناحية الاباجورة حين لاحظت انه لم يكن يقف تحتها تماما، ومن ثم لحقت بزوجته نايومي واجهزت عليها بنفس الطريقة التى خدعت بها رومان، وحتى تلك العاهرة لم اكن لادعها تنعم بحياتها، حتى وان كانت زوجة رومان نفسه، أعلم انه سيغضب مني كثيرا، لكن هذه رسالة السماء وكان يجب ان انفذها.
جلس دين فى احد المقاعد ورفع سماعة الهاتف ولكنه واصل حديثه:
– هل تعلمين.. حين اتتنى الرسالة من السماء ترددت كثيرا فى قبولها.. لانها كانت تشملك انتي ايضا، وتعرفين كم احبك يا رينيه.. لقد كان اختبارا صعبا للغاية. لكن حين دخلت الى الفندق فى تلك الليلة ووجدتك فى حضن سيث رولينز، بات الامر سهلا للغاية بعدها..
لقد كنتي ساذجة للغاية وانتي تصدقين كل ما اقوله لك.. جعلتك تصدقين ان سيث القاتل.. اخبرتك ان الشرطي تتحرى معه.. وانه غادر غرفة الفندق ليلا والكثير من الاكاذيب.. بينما كان ذلك الغبي معي طيلة الوقت. وحتي حين حذرك رومان اول مرة لم تنتبهي.. وها نحن الان نصل الى هذه النهاية المثالية.
كان دين يجري الاتصال اثناء حديثه، وتوقف حين اتاه الرد من الطرف الآخر، وغير أمبروز فجأة لهجة صوته لتعود الى ذلك الصوت الضعيف وقال:
– مرحبا.. الشرطة.. اريد ان ابلغ عن حادثة قتل.. اسمي دين امبروز وأسكن فى ضاحية باردايس شارع 122 منزل 18.. زوجتي قامت بقتل صديقي فى خلاف بينهما فى المنزل،.. اعتقد انه مات.. انها متواجدة الان.. انا؟؟ لا انا لست بخير.. أصابة فى الكتف. حسنا.
انهى دين المكالمة وجلس فى مكانه وهو ينظر الى رينيه التى كانت بلا حول ولا قوة بعد ان اخرستها المفاجأة تماما فى تلك اللحظة، فما يحدث أمامها كان أخر ما يمكن ان تتخيله. ليقاطع دين افكارها وهو يقول:
– هل تذكرين آخر كلمات رومان رينز في تلك الليلة ؟؟ ( لقد أتوا من أجلى).. اعتقد ان القدر كان بجانبي وانا أخطط لهذا الانتقام، هل تسمعين صوت الشرطة.. اعتقد انه حان الوقت لتنطبق تلك المقولة عليك.. لقد اتوا من أجلك..
عاد دين للضحك مرة أخرى، ومن ثم غادر مكانه وعاد ليجلس على الارض وهو يمسك كتفه المصاب ويتأوه من الألم فى انتظار دخول افراد الشرطة بعد ان توقفت سياراتهم خارج المنزل، لترسم بذلك نهاية فصول خطته الجنونية وسيناريو آخر اكثر دمويا وفظاعة من الأول..

النهاية.

 

الكاتب: محمد بهاء الدين