على عكس الاعوام السابقة والتى كانت تعتبر اشهر ما قبل وبعد راسلمينيا هى الاكثر اثارة على الاطلاق، اختلف الوضع تماما هذه المرة، وباتت الاحداث والسيناريوهات تسير من سئ الى أسوأ، وكأن كتاب السيناريو كانوا منشغلين بسيناريوهات راسلمينيا وتناسوا تماما ما سيحدث بعدها، ليتركوا الجماهير فى حالة تخبط وسيناريوهات اللحظة.
ولعل ابرز تلك الاخطاء كان وضع سيناريو ينتهى بفوز بروك ليسنر على غولدبيرغ وانتزاع حزام البطولة، دون التفكير ابعد من ذلك وادراك ان حزام البطولة سيختفى مرة اخرى عن العروض ليترك نجوم عرض الرو وهم يتقاتلون على حزام القارات البطولة الثانية فى الاتحاد.
حالة التخبط هذه قد يكون سببها الرئيسي قرار فينس ماكمان غير المدروس باجراء تبديلات بين العروض والجميع كانوا فى منتصف سيناريوهات لم تكتمل كما حدث بين راندي أورتن وبراي وايت. وكذلك اصابة النجم برون سترومان التى نزعت عن العرض الاحمر احد اهم سيناريوهاته.
ولكن كل ذلك لا يقارن بما حدث فى عرض باكلاش الاخير حين قررت الادارة ان تضع النجم الهندي جيندر ماهال على رأس كبار النجوم والمصارعين المتميزين وتضمه الى قائمة طويلة من اساطير المصارعة وهو يفوز بحزام بطولة WWE العريق. الحزام الذي رفع من شأنه اسماء مثل هولك هوغان، التيمت واريور، اندريا ذا جاينت، شون مايكلز، اندرتيكر، ستيف اوستن، ذا روك وغيرهم.
للأسف مسيرة النجم الهندي فى عالم مصارعة المحترفين تعتبر اقل حتى من المتواضعة، وهو الذي تعرض لسلسلة طويلة من الهزائم ضد اضعف المصارعين قبل ان يتم فصله بسبب عدم حوجة الشركة له ولافتقاره للموهبة فى ذلك الوقت. ليعود بعدها بسنتين ويواصل سلسلة الخسائر والتهميش قبل ان يصبح فجأة بين ليلة وضحاها بطلا للاتحاد.
ظل كتاب السيناريو يتعاملون منذ وقت طويل مع السيناريوهات على طريقة عرض اللحظة، وهو ان يتم وضع السيناريو فى نفس اليوم دون اي تمهيد مسبق، وهو الأمر الذي يفقد السيناريو العمق الدرامي ويجعل الجماهير غير قادرة على تصديقه والاقتناع به، وهو ما يذكرنا بما حدث مع النجم شيمس حين فاز بحزام البطولة سابقا، حيث كان يعاني من الخسائر المتتالية والتهميش قبلها باسبوع واحد فقط.
يوجد شبه اتفاق ان فوز جيندر ماهال بحزام البطولة كان تسويقي فقط لا غير، حيث تريد الادارة التوسع فى السوق الاسيوي، لذا نرى امثال شينسكي ناكامورا يتصدر عرض باكلاش، وفى NXT تتواجد اسكا وهيدو ايتامي فى المنافسة على الالقاب الرئيسية. والان بات الدور على جيندر ماهال من اجل فتح سوق كبير وهو الهند، ولا توجد طريقة لجذب المشاهد الهندي الا اذا كان يريد ان يرى ابن بلدته وهو يحمل حزام البطولة الاكبر ويهزم كبار النجوم.
المشكلة تكمن في ان السوق الهندي يعتبر فقير نوعا ما، وهو ما سيمنع العديد من المواطنين من شراء قميص رسمي من متجر الاتحاد يقارب سعره راتب شهر كامل، ولكن يبدو ان تركيز فينس ماكمان لا يقتصر على السوق والمشتريات بل المشاهدة عبر التلفاز او الاشتراك فى الشبكة الرقمية الخاصة به، حيث تعتبر الهند من اكثر الدول انفتاحا على التلفاز بسبب اهتمامهم الذي يوازي امريكا فى السينما.
بالنسبة لفوز جيندر ماهال فى حد ذاته فقد يكون ايجابيا من باب التغيير، فمنذ ان انقسم العرضين ونحن نرى تكرار وجوه على صورة اللقب، كما ان المصارع الهندي يستحق الاشادة بعد ان اجتهد كثيرا وطور من نفسه واهتم بجسده ولياقته البدنية بصورة ملحوظة جعلت الجماهير تشكك حتى فى تناوله للمنشطات. ماهال عرف تماما كيف يدخل الى قلب فينس ماكمان وهو يدرك ان الرجل العجوز مازال يحتفظ بعقلية الثمانينيات حتى وان كان يحاول ان يواكب تكنولوجيا العصر الحالي.
من يتذكر بدايات اتحاد WWE يعرف تماما كيف كان الوضع عليه سابقا، وكيف كان يفضل فينس ماكمان مفتولى العضلات حتى وان كانوا يفتقرون للموهبة، والاهم من كل ذلك المصارع الشرير من خارج الولايات المتحدة وتحديدا من الشرق الاوسط او روسيا او حتى من اسيا. ولا نستبعد ان كان فينس يرى فى جيندر ماهال نسخة اخرى من “ايرون شيخ” وغيرها من الاسماء الوحشية.
ان كان فينس ماكمان قد وضع حزام البطولة فى كتف جيندر ماهال لانه اجتهد سابقا، فهو امر جيد للمشاهدين كونه سيقوم بتحسين صورته والاهتمام بتطوير مستواه وبناء سيناريوهات مميزة فى الفترة المقبلة، اما ان كان الامر مجرد تسويق فقط، فستتواصل حالة التخبط وسيتباهى ماهال كل اسبوع بحزامه حتى يتأكد ماكمان ان سياسته فى الهند قد نجحت ومن ثم سيتم القاءه الى ظلامات التهميش من جديد. حدثت مع البيرتو ديل ريو والمكسيك من قبل وستحدث مع ماهال ايضا.
ما يعيب سيناريو جيندر ماهال والبطولة انه مكرر تماما من سيث رولينز سابقا، الاخوين سينغ يحرسان ماهال ويهديانه الفوز، وجي جي سيكيورتي كانا يفعلان ذات الشئ مع سيث رولينز فى السابق، والنتيجة كانت نزالات باهتة بمستوى ضعيف للغاية. وعلى ادارة الاتحاد ان تركز اكثر على اظهار ماهال بصورة المصارع القوى حتى تمحي صورته القديمة، خصوصا وانه الافضل حاليا فى الشخصية الشريرة، حيث لا يوجد مصارع فى سماك داون تكرهه الجماهير مثل ما يحدث مع جيندر ماهال حاليا.
العرض الشهري المقبل لسماك داون هو عرض ماني ان ذا بانك، وهو العرض الذي عادة ما يحتفظ به بطل الاتحاد بحزامه كون التركيز يكون على نزال الحقيبة اكثر، وهو ما يعنى ان جيندر ماهال سيواصل الاحتفاظ بحزامه لفترة اطول، وقد يكون المحطة الابرز فى مشواره وهو عرض سمرسلام المقبل والذي سيشهد عودة العديد من الاسماء الكبيرة وقد يكون من بينها جون سينا. وحينها قد يستعيد فينس وعيه ويفكر جادة فى اعادة حزام البطولة لمن يستحقه اكثر.
كتابة: محمد بهاء الدين