السيناريوهات فى عالم مصارعة المحترفين هي أهم عنصر فى جذب المشاهدين الى الشاشة او نفورهم عنها، وتختلف جودة السيناريو من عداوة الى اخرى على حسب قيمة وأهمية المصارع بالنسبة للمعجبين، ولكن هذا لا يمنع ان يبرز سيناريو ويحظى باهتمام بين مصارعي الدرجة الثانية أو الثالثة، فيما تعتبر فترة بناء السيناريو هى الأهم على الاطلاق لأن الوقت هو ما يزيد من عمق العداوة ولكنه يكون عدوها ايضا ويتسبب فى افسادها ان وصل المشاهدين الى درجة الملل.
فينس ماكمان الرجل الاول والاخير فى عالم المصارعة، وهو من وضع الاف السيناريوهات من قبل، المئات منها كان رائعا والكثير جدا كان دون المستوى، فيما سقط بعضها لدرجة الانحطاط والسخف. ومع ذلك يبذل الرجل قصارى جهده مستعينا بجيش من كتاب السيناريو او ما يعرف بفريق الابداع لتقديم الافكار له على ان يوافق عليها او يقوم برفضها. وكما نعلم اختلف الوضع تماما بين سيناريوهات الماضي والحاضر بسبب التغيير الكبير على طرأ تكنولوجيا على هذا العصر.
فوقفت التسريبات ومواقع التواصل الاجتماعي فى وجه اي سيناريو طويل او مفاجئ وافسدت العديد من العداوات حين وصل المتابعين الى نهايتها قبل حتى ان يقدمها المصارعين فى الحلبة، وهو ما جعل فينس يلجأ الى خيار السيناريو اللحظى او القصير المدي، وهناك ايضا السيناريو المتغيير والذي يقوم هو بتعديله بين عرض وآخر حتى لا تصل اليه التسريبات وتكشفه.
ونتيجة لذلك انعدم البعد الدرامي فى السيناريوهات وباتت من الصعب تقديم عداوة متينة تبقى لسنوات طويلة، ففي السابق كانت عداوة بين تربل اتش وذا روك لا تحتاج الى اي تقديم بعد ان اظهر كلا النجمين كراهيتهما لبعضهما بالكثير من النزالات حتى ان الجماهير حتى الآن تشعر ببعض الكراهية حين يقف المصارعين فقط امام بعضهما. وكذلك الحال بالنسبة لفينس ماكمان وستيف اوستن وغيرها من عداوات السابق.
الآن ينطلق كل من رومان رينز ودين أمبروز وسيث رولينز فى حلبات المصارعة بصورة منفردة على فكرة تمزق فريق الدرع بسبب مطامع وخيانة سيث رولينز، فبنى كل واحد منهم شخصيته منذ تلك اللحظة التى نزل فيها كرسي رولينز على ظهر رومان رينز، وظهر طيلة السنوات الماضية سيث رولينز وهو يتابع جشعه ويطارد حزام البطولة دوما ويشتكي من انقلاب السلطة عليه، سوأ كان ذلك فى شخصيته المحبوبة او الشريرة، اما دين أمبروز فهو ايضا لازال المصارع الغاضب لانقسام الفريق ولا يبالي بأي شئ آخر. فيما حافظ رومان رينز على شخصيته بفتى الفريق الاول وهو يرفض الانقلاب ضد الجمهور.
مؤخرا بات فينس ماكمان يفقد خيوط الابداع وصار الاحتفاظ بجودة اي سيناريو امر صعب بالنسبة له، وهاهو يبدأ فى افساد فكرة فريق الدرع بمحاولته وضع سيث رولينز مع دين أمبروز فى فريق واحد، وهو الأمر الذي ان حدث سيدمر تماما مبدأ انقسام فريق الدرع وشخصيات المصارعين الثلاث. وهو ما يعنى ايضا عودة فريق الدرع بالتالي دون اي لحظة مفاجأة قد تفيد من رفع شأن احدى العروض الشهرية الكبيرة ان اجتمع الثلاثي الاسود من جديد.
كل ذلك وغيره جعل فينس ماكمان يلجأ الى مبدأ جديد يعبر تماما عن فقر فكره ونفاذ عبقريته، وهو مبدأ المفاجأة اللحظية، وهو ان تقوم بتقديم آخر ما كان يتوقعه الجمهور لتضمن ان تكون هذه اللحظة الاكثر تحدثا واثارة للجدل على الاطلاق، وهى اللحظات التى كانت تقدم فى السابق مع عودة اساطيرالمصارعة دون ان يتوقعهم اي أحد. وهو ما حدث قريبا مع ظهور ستينغ الأول فى الاتحاد، وكذلك دخول أي جي ستايز فى الرويال رامبل.
اما بالنسبة للاحداث فكانت نهاية سلسلة انتصارات اندرتيكر فى راسلمينيا على يد بروك ليسنر، هى الاكثر اثارة على الاطلاق، وهى اللحظة التى ربما تكون قد فتحت أعين فينس ماكمان على أهمية مثل تلك المفاجآت لعروضه، خصوصا وانها تصبح حديث الجميع وتحتل المركز الاول فى التفاعل بين مواقع التواصل الاجتماعي، بدلا ان ينتهى العرض ويتناساه الجمهور مع انتهاء البث التلفزيوني، خصوصا فى ظل ضعف السيناريوهات التى تقدم حاليا والتى نادرا ما تعجب بها الجماهير.
مبدأ المفاجأة يعنى ان كل السيناريو لا قيمة له حتى تأتى تلك اللحظة التى تفقد الجماهير صوابهم، وهو ما يعنى ان فينس بنى السيناريو وجعل مصارعين يتواجهان فيه لعدة اسابيع دون أي هدف، ولم يكلف نفسه عناء التفكير فى كيفية الرفع من شأن السيناريو وجذب المصارعين اليه اسبوعا بعد آخر، لأنه يعتمد فقط على تلك اللحظة التى ستجعل السيناريو ناجحا ومثيرا من وجهة نظره. وافضل مثال ذلك السيناريو الذي جمع راندي أورتن بجيندر ماهال.
منذ ان اصبح ماهال منافسا على حزام بطولة WWE والجماهير فقدت اهتمامها تماما بالعداوة لأنها تعرف ان ماهال مصارع مغمور وان فوز راندي أورتن عليه امر محتوم، بل واستغرب بعضهم الدفعة التى تلقاها النجم الهندي بأن ينافس على اهم حزام فى عالم مصارعة المحترفين. وظل الرجلين يتواجهان قبل نزالهما في عرض باكلاش ولا أحد يرغب حتي مشاهدتهما.
فينس ماكمان لم يكن يتوقع ان يعجب أحد بذلك السيناريو، بل انه لم يهتم اصلا بأن يشاهده أحد، فهو كان يتنتظر عرض باكلاش لجعل اسم جيندر ماهال على لسان الجميع والاكثر تداولا فى مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما حدث بالفعل ونجحت خطته، ومنذ ذلك الوقت تواصلت اللحظات المفاجأة فى سيناريوهات المصارعة والتى لا تعنى نهاية السيناريوهات المميزة في عالم مصارعة المحترفين. فقرر فينس ان يفاجئنا باعتزال اندرتيكر على يد رومان رينز، وفاجأنا مرة اخرى وجيمس السورث يخطف حقيبة السيدات، ومن ثم جيسون جوردان ابنا لكيرت انجل، وسيتواصل الامر هكذا على ما يبدو. فهو يريدنا ان نظل نتحدث عن تلك اللحظة ولم يعد يهمه ان نعجب بالسيناريو أم لا.
كتابة: محمد بهاء الدين