أجمل ما في عروض ريسلمانيا هو أننا نعاصر وجبة دسمة من تقريبا كل شيء من دراما – لحظات إثارة وأخرى محبطة – لحظة لا تُنسى لمصارع تشجعه – دخلات مميزة لنجوم ننتظر مشاهد دخولهم من العام للعام – مفاجئات سارة وردود أفعالنا عليها.
يمكنني الجزم أننا شاهدنا كل هذا وأكثر خلال عرض ريسلمانيا 33 اليوم، ولكن أياً مما شاهدناه يمثل الإثارة وأياً منها يندرج تحت قائمة اللحظات المحبطة ؟؟؟ في هذه السطور سنستعرض وجهة نظر قد تختلف عزيزي القارئ معها وقد تتفق، وسأسعد بمناقشتكم فيها في قسم التعليقات.
- البداية مع العرض التمهيدي .. أعتقد أن اختيار الاتحاد لنزال مثل مواجهة نيفيل للنجم أوستن أريز كان اختيار موفق، ولكن ماذا بعد اختيار أطراف مواجهة افتتاح العرض ؟ أختلف وبشدة مع فوز النجم نيفيل باللقاء – مع كامل احترامي لموهبته وجماهيره – ولكن إن كان الاتحاد يمهد لبداية أوستن أريز بقسم الوزن المتوسط منذ فترة ليست قصيرة فهل هكذا تكون نتيجة أولى لقاءاته الكبيرة ؟ وإن كان مصارع بخبرة أوستن أريز فشل في انتزاع لقب الوزن المتوسط من نيفيل هل يوجد مصارع بذلك القسم قادر على إلحاق الهزيمة بالبطل حاليا ؟ وفقا لحالة قسم الوزن المتوسط أعتقد أن الإجابة لن تهم الجماهير كثيرا بعد ما شاهدناه من تخبط وعدم اتزان.
- وعلى ذكر عدم الاتزان ومع اللقاء الثاني بالعرض التمهيدي ومعركة أندري العملاق الملكية، هنا الوضع ليس بالجديد أيضا، فنظرة الاتحاد لذلك النزال رمادية جدا، فمرة نجد النزال بالعرض التمهيدي ومرة أخرى نجده بالعرض الرئيسي، ولكني يمكنني التغاضي عن تلك النقطة لأن أهمية النزال من أهمية الفائز به ولا أعتقد أن النجم موجو راولي ذلك المصارع الفز فكلنا نعلم ماذا سيحدث خلال أسابيع قليلة.ولكن أحداث المعركة الملكية نفسها هي محور الحديث، أعتقد أنني لن أكون قاسيا إن قلت أنني لم أستمتع بأي ثانية جرت بالنزال نهائيا وتمنيت لو أنه لم يحدث، ليس بسبب المشاركة المزرية للعملاق بيج شو أو الخروج المهين للوحش برون سترومان، وليس للاختيار العبثي للفائز، ولكن أين المفاجئات ؟ أين تشويق المعركة الملكية المعتاد ؟ أين الفنيات التي تنتظرها الجماهير في مثل هذه اللقاءات ؟ لماذا لم يفكر الاتحاد في الثلاثي المظلوم سامي زين أو لوك هاربر أو حتى دولف زيجلر ؟ إقصاءات المصارعين أشعرتني أن المشاركين بالمعركة الملكية لو لم يجدوا من يقصيهم كانوا سيقومون بإقصاء أنفسهم بأنفسهم، بمنتهى البساطة أصبح هذا النزال بمثابة حصالة من ليس له دور بالعرض.
- النزال الثالث بالعرض التمهيدي على لقب القارات بين دين أمبروز وبارون كوربين يمثل الصدمة الكبرى لي شخصيا لأنني كنت أنتظره بالعرض الرئيسي نظرا لمكانة النجمين التي تزعم الإدارة أنها تسعى لتجهيزهم لما هو قادم، فهل بذلك تحقق ما أرادوا ؟ يكفي أن أمبروز كان منذ عدة أشهر بطلا للاتحاد في حين أن كوربين كان بطلا لمعركة أندري العملاق الملكية العام الماضي، وإذ فجأة نجد الثنائي الذي أعاد لنا مشاهد العراك العنيف متواجدين بالعرض التمهيدي لأهم عروض العام على حساب نزال ضعيف كنزال سيدات سماك داون، للأسف أضر هذا النزال كثيرا بمكانة النجمين ولا أعرف ما القادم لهما بعد أن شارفت أسهمهما لدى الجماهير على الانهيار.
- أما العرض الرئيسي فيختلف اختلافا كليا عما شاهدناه بالعرض التمهيدي الذي سبقه، حيث كانت المتعة الغائبة والمفاجئات السارة والمدوية والنتائج العقلانية وإن كان بعضها متوقع ولا تحتاج لعين خبيرة لتوقع نهايتها.
- البداية مع الفريق الأكثر رفاهية للجماهير خلال آخر عامين “نيو داي”، أعتقد أنني أحب مشاهدتهم يتحدثون للجماهير أكثر من رؤيتهم في نزالات، فكل ما يخرج من أفواههم يسعدني وتفاعل الجماهير معهم كان مزهل، أعجبني أيضا تعامل الاتحاد مع النجم اكسافير وودز وعدم حرمانه من المشاركة بالعرض الكبير بسبب فضيحة النجمة الطائشة بايج، فما حدث حدث ولن يفيد الحديث عنه بشيء.
- ثم مع عظمة وجنون أي جي ستايلز وشين مكمان، مثل ما أشرت لمعركة أندري العملاق أن كل ما حدث بها كان سيء فإن ذلك النزال كان على النقيض تماما، فمنذ قرع جرس البداية وحتى إعلان فوز أي جي ستايلز لم تغب الإثارة عن أحداث اللقاء، أعجبني كل شيء شاهدته من عنف لحركات طائرة لقفزات مجنونة لم يخيب بها الأسطورتان ظن الجماهير وأبقوهم متعطشين للمزيد.ولكن أهم ما كنت أنتظره وتحقق هو فوز ستايلز وحصوله على حقه المشروع بفوز في أهم عروض العام، أي جي ستايلز الذي أعتبره أفضل مصارع بالعالم العام الماضي والذي بسبب تألقه تم إلغاء جوائز سلامي للأفضل كل عام لثقتهم التامة بسيطرته عليها جميعا من جائزة نجم العام مرورا بأفضل نزال وصولا لأفضل عداوة وحتى جائزة أفضل لحظة كانت لتكون من نصيبه، مصارع فعل كل شيء في عام واحد كافئته الإدارة بإنكار جهوده بسبب دمية فينس الشهيرة.
- النزال التالي كان على لقب الولايات المتحدة بين النجمين الكبيرين كريس جيريكو ومواطنه كيفين أوينز .. صرح جيريكو قبل أيام أنه عائد لفرقته الغنائية لجولة غنائية جديدة فهل كان سيخرج فائزا ومحتفظا بلقبه ؟ بالطبع لا، ولكن رغم توقع الجميع للنتيجة بفوز أوينز إلا أننا لا يمكننا إنكار المستوى الراقي للنزال والأداء المشرف للأسطورة كريس جيريكو.
- ليأتي بعد ذلك الدور على مواجهة لقب جديدة على بطولة سيدات عرض الرو بين رباعي السيدات الوحيد بعرض الرو “تشارلوت – نيا جاكس – ساشا بانكس – بايلي” ، ذلك الرباعي أبدع وأمتع طيلة العام الماضي بالعروض الأسبوعية والشهرية وما إن حان موعد أهم عروض العام نتفاجأ جميعا بالإخفاق الأكبر بمستوى سيء من جميع المشاركات إلا في لحظتين أو ثلاثة، – حالهن كحال أمبروز وكوربين – أضر ذلك النزال كثيرا بمكانة نيا جاكس وساشا بانكس اللتان كانت طريقة اقصائهما مهينة كثيرا نظرا لما قدمتاه طيلة الفترة الماضية.
- ثم مع النزال الثلاثي الذي تحول إلى رباعي بفضل عودة زعماء الفرق الزوجية ومعشوقي الجماهير بالاتحاد وخارجه “الهاردي بويز” والعودة المدوية التي أشعلت حماس الجماهير لنكون على موعد مع أولى قنابل السعادة، وذلك على الرغم توقع حدوثها وأكبر دليل هتاف الجماهير بكلمة “Delete” التي اشتهر بها النجم مات هاردي بشخصيته الشهيرة وسبب عودته وشقيقه “شخصية المحطم والأخ نيرو”، لا أطيق الانتظار حتى أشاهد مقاطعهم الكلامية خلف الكواليس وتقمصهما للشخصيتين وإمتاع جماهير الاتحاد وتعويضهم عن غياب سبعة سنوات.
- نأتي للنزال المختلط بين الثنائي ذا ميز وماريس أمام جون سينا ونيكي بيلا، نزال ضعيف المستوى لم يعكس المجهود الجبار الذي يظهره ذا ميز وزوجته طيلة الأسابيع الماضية من إضفاء حالة من الواقعية التي أصبحت تخصصه، ذا ميز يتميز بموهبة فريدة في كيفية جعله من السيناريو البسيط قصة جماهيرية يتفاعل معها الجماهير عبر مواقع التواصل الاجتماعي، الواقعية التي يفرضها تحتم على خصمه الرد بأفضل صورة ممكنة، رأينا ذلك في صراعه الطويل مع النجم دولف زيجلر وها هو يفعلها مجددا في عداءه وزوجته للثنائي سينا وبيلا، أفضل ما حدث بالنزال هو ما تم عقب نهايته بإعلان سينا خطبته من نيكي بيلا وارتباطهما رسميا … أخيرا !!!
- أما المواجهة التالية فكانت للملك تريبل اتش أمام ذابح الملوك سيث رولينز كما تم الترويج للمواجهة، ولكن … هل الملك يدخل الحلبة على دراجة بخارية ؟ أهو ملك من سلسلة أفلام “جيمس بوند” ؟ وما هذا الكم من سيارات الشرطة ؟ فالانتخابات الرئاسية انتهت بفوز حبيب العائلة دونالد ترامب ولا داعي للتذكير بها.ورغم هذا وذاك إلا أن المواجهة جاءت عكس ما توقعته تماما، فشاهدت العنف واستخدام الكراسي بشراسة وتفادي الضربات القاضية وتفاعل ستيفاني مكمان مع النزال، أعجبني كل ذلك، أعجبني أيضا كيفية تقديم تريبل اتش لدوره وتلقيه الضرب وتفاعله مع رولينز بالنزال، فإن كنت متابع جيد لمقالاتي السابقة في الماضي ستعلم أنني لست من عشاق تريبل اتش وأحاول تفادي الحديث عنه احتراما لجماهيره، ولكني أكن له الاحترام في مساعدته للشباب ومنحهم فوز صريح عليه بأهم عروض العام، فعلها من قبل مع باتيستا وجون سينا في بداياتهما، ومع رومان رينز العام الماضي، ومع دانيل براين قبل ثلاثة أعوام، وها هو يكررها مجددا ويقدم نفسه كبش فداء لصالح أحد أهم مواهب الاتحاد في العشرة سنوات الأخيرة سيث رولينز، شكرا تريبل اتش.
- ومع نزال بطولة WWE بين الثنائي المميز براي وايت وراندي أورتن، فبعد تحضير طويل وسيناريو وقصة رائعة تخللها العديد من اللحظات المميزة أقيم على أثرها النزال يخرج لنا الثنائي نزال سينمائي عبارة عن مؤثرات بصرية نشاهدها لأول مرة داخل حلبات المصارعة، ولكن هل النزال مجرد مؤثرات بصرية فقط ؟ للأسف جودة اللقاء كنزال مصارعة كان سيء جدا ولا يتماشى مع كم التطلعات له، كنت أتمنى زيادة جرعة الجنون بإشراك إيريك روان الجاهز للعودة لتكون مشاركته بهدف إعلان إنقاذه لـ “الأخت أبيجال” لتكون بمثابة قلب الطاولة على أورتن الذي اعتقد أنه تخلص من أهم أسلحة زعيم الوايتس ولكن لم يحدث أي من هذا، كان يمكن الاستعاضة عن كل ذلك بجودة نزال أعلى مما شاهدناه لكن التركيز كل التركيز كان على كيفية إخراج مشاهد مؤثرات بصرية لديدان وحشرات مقززة، وهو ما يطرح سؤال هل من يطلق على نفسه لقب الأفعى يخشى الحشرات ؟ أترك لكم الإجابة.
- الإرادة – الشراسة – التحمل – الانتقام” أربعة صفات زينت أربعة دقائق نارية بين الوحشين جولدبيرج وبروك ليسنر على لقب WWE العالمي، أسطورتين خالفا التوقعات وقدما مواجهة أسطورية ونزال حقيقي جمع الشراسة بالسرعة بقوة التحمل لينتهي بانتقام ليسنر وانتزاعه اللقب.أفضل ما شاهدته باللقاء كان التقلبات الكثيرة بأحداثه، فبدايته لصالح ليسنر جعلته قريب من الفوز ليظهر جولدبيرج قوة تحمل جبارة وينهض سريعا ويفاجئ خصمه ويفاجئ الجماهير ويحبس أنفاسنا بحركة “سبير” كررها أكثر من مرة جعلته أقرب لفوز ثالث، ليعود ليسنر ويتولى زمام الأمور ويظهر عزم وإرادة ورغبة بالانتقام ويجوز على جولدبيرج سريعا بقوته المعهودة ليعيد الوحش الذي ضل الطريق لشهور إلى بيته.
- للأسف كنت أتمنى استمرار الإثارة بنزال في قوة سابقه، ولكن وجب خروج الجماهير لفاصل إعلاني لعروض الأزياء حتى تلتقط الجماهير أنفاسها، هذا ما يمكنني أن أصف به نزال بطولة سيدات عرض سماك داون.
- بعد العودة من فاصل الأزياء والموضة نكون على موعد مع الشق الدرامي بالعرض وتقدير الاتحاد لأفضل شخصية لمصارع في تاريخ المصارعة الحرة الأسطورة أندرتيكر بجعل نزال الحدث الرئيسي للعرض بجانب أحدث إفرازات عناد فينس مكمان مع الجماهير النجم رومان رينز.في العادة عندما أتحدث عن نزال درامي لا أنظر كثيرا إلى مستوى النجمين بالنزال، ولكن هنا الوضع يختلف نظرا للمستوى المذري للثنائي، ألتمس العذر لـ أندرتيكر للأسباب المعتادة من إصابات وتقدم بالعمر وخلافه ، لكن ما عذر سوبر رينز، أين بطل الأبطال الذي لا يقهر صاحب القدرات الفذة والوجه الجديد للاتحاد ؟ للأسف رومان رينز لم يقترب حتى من المستوى الذي يجب أن يكون عليه وجه الشركة.كنت أتمنى أن تسير المواجهة في اتجاه آخر يحفظ للأسطورة مكانته ويحقق لـ فينس مكمان رغبته برفع مكانة رينز إلى أقصى درجاتها، رومان رينز الذي لو حصل أي مصارع على ربع الفرص التي حصل عليها لكان في قاعة المشاهير، واجه بروك ليسنر ولم تتحرك مكانته لدى الجماهير انشا واحدا، فاز على تريبل اتش في الحدث الرئيسي لـ ريسلمانيا 32 العام الماضي ولم يختلف الوضع كثيرا، ثالث حدث رئيسي على التوالي ولم يستفد، لماذا العناد مع الجماهير؟ لماذا الإتجار في الفشل ؟ مصارع تكرهه الجماهير فلتحولوه لمكروه وينتهي الأمر. ما المغزى مما نراه كل عرض ؟
- أخيرا .. أود ختام حديثي عن العرض على ذكرى جميلة .. شكرا أندرتيكر على كل ما قدمته لنا طوال ثلاثين عاما من الإبداع، شكرا أندرتيكر على تحدي الإصابات وضرب مثال للشباب بعدم الاستسلام للآلام والأوجاع وتحدي الظروف لإخراج أفضل ما لديك ومجارات الشباب، تحديت آلامك وصارعت قاطرة بشرية كـ بروك ليسنر، نادتك الجماهير فكنت حاضرا حتى لو كان خصمك رومان رينز !!! شكرا أندرتيكر …
قدمها لكم : أحمد زهران