أُضيئ الضوء الأحمر في إحدى إشارات المرور وتوقفت سيارة ببطء شديد أمامها، لكن وقوف تلك السيارة لم يكن له علاقة بالالتزام بقواعد المرور، بل لعدم قدرة السائق على مواصلة سيره بعد أن وصل إلى هذا التقاطع، وكانت الامطار تهطل بشدة فى تلك الليلة ولكن سائق تلك السيارة لم يهتم حتى بتشغيل ماسحات الزجاج. سائق السيارة كانت رينيه يونغ والتي كانت غير قادرة حتى على الامساك بالمقود جيدا بعد أن وصلت إلى هذا المكان المشؤم.
تنقلت رينيه بنظرها وهى تتفحص الاسفلت أمامها وكأنها تخشى رؤية ذلك المشهد الذي حفظته فى عقلها تماما، لكن الرؤية كانت غير واضحة بالنسبة لها، بسبب الامطار الشديدة أو ربما للدموع التى كانت تملأ عينيها، فهذا الطريق كان شاهدا على أغرب حادث على الاطلاق، والذي بسببه تحول صديقهما رومان رينز إلى قاتل وهو ينهى حياة مديره فينس ماكمان، وكذلك كان السبب فى تدمير زواجها.
قاطعت خبطات قوية على زجاج السيارة الجانبي أفكار رينيه يونغ، لترى شرطي المرور وهو يطلب منها أن تنزل الزجاج لتتحدث إليه، وهو ما قامت به فوراً، ليخاطبها الشرطي بأن تتحرك وتفسح الطريق لأن الضوء الأخضر مضاء منذ فترة، وأن عليها استخدام ماسحات الزجاج فى هذا الجو الماطر حتى لا تتسبب فى حادث سير لاحقا.
انطلقت رينيه بالفعل فى الطريق والافكار تملأ رأسها وهي لا تدري ماذا تفعل أكثر حتى تنقذ حياتها الزوجية، فدين أمبروز تغيير تماما منذ تلك الحادثة، ونادرا ما يتحدث اليها أو حتى يتناولا الطعام سويا، ويرفض العودة الى عروض المصارعة مع أنها استعانت بالعديد من اصدقائه بما فيهم سيث رولينز نفسه.
الافكار كانت تتخبط داخل عقل رينيه وتتمازج مع صوت ماسحات الزجاج مع هطول الامطار، وبعد أن فشلت فى أيجاد أي حل لوضعها الحالي، قررت الاخيرة أن تترك قلبها يتولى زمام الأمور، وبدون أي تفكير وجدت نفسها تدور بالسيارة فى اتجاه مغاير تماما لما كانت تخطط له، وقدمها تضغط على دواسة الوقود وكأنها تحاول أن تسبق عقلها قبل أن يعود اليها المنطق، ولم تتوقف حتى وجدت نفسها أمام مبنى ضخم ولافتة كبيرة عليه تؤكد بأنها وصلت الى مبتغاها، وهو السجن الفيدرالي.
فى داخل ذلك السجن جلس أحد المدانين لوحده في الساحة الرئيسية، وكانت العديد من كرات القدم تحيط به، فقد كان زملائه الذين يلعبون بالقرب منه يخشون من ان يطلبوا منه اعادة الكرة حين تخرج من الملعب وتستقر بجانبه، فقد اكتسب ذلك المسجون سمعة مخيفة للغاية، فبجانب عضلاته المفتولة وملامح وجهه القاسية انتشرت قصص بين الجميع بأنه قام بقتل أحدهم حين حطم رأسه بيديه، بل وصلت تلك القصص للتأكيد بأنه قام بتناول دماغ ذلك الرجل أيضا.
– رومان رينز
انطلق ذلك النداء بصوت قوي ومرتفع فى المكان، وتوقف الجميع عن الحركة والتفتوا بسرعة شديدة لمتابعة ذلك المسجون وهو يلتفت الى مصدر الصوت بدون اهتمام.
– لديك زيارة.. بوابة رقم 12
نهض المدان ببطء شديد وابتعد المسجونين عن طريقه بسرعة وخوف وهو يتجه الى المبنى يجرجر قدميه، وما أن إختفى حتى عاد النشط والمرح الى المكان مرة اخرى، وأسرع بعض المساجين باستعادة تلك الكرات قبل أن يعود رومان مرة اخرى.
إتجه رومان رينز إلى مكتب الزيارة وما أن فتح الباب ودخل المكان، حتى قام بالاستدارة للمغادرة بسرعة شديدة حين شاهد من كان ينتظره فى الداخل، لكن رينيه يونغ اسرعت بالامساك به وهى تترجاه من بين دموعها كي لا يغادر، وقالت:
– اتفهم غضبك، وانا ايضا لم اكن لأتجرأ على الوقوف امامك، لكننى عاجزة تماما
بدأت رينيه فى البكاء وانهارت وهى تلقى بنفسها على الكرسي، بينما توقف رومان لكنه كان لا زال يدير لها ظهره، وقالت يونغ:
– لا يوجد أي تفسير أو تبرير لما حدث، الجميع مخطئين، انت الضحية الوحيدة هنا ..
انفجرت الطاولة امامها بصوت مدوي حين ضربها رومان رينز بقضبة يده وهو يصرخ:
– الضحية الوحيدة !!! وماذا عن ابنتى .. زوجتي .. من انتم لتقرروا ما يحدث لي؟
حتى رومان رينز نفسه لم يعد قادر على مواصلة ثورته الغاضبة حين وجدت الدموع طريقها الى عينيه، وهو يتحدث:
– ماذا سأخبر ابنتى، كيف سابرر لها، من سيقنعها ان والدها ليس قاتل؟
نهضت رينيه يونغ واتجهت اليه ومن ثم جثت على ركبتيها امامه وهى تواصل البكاء، وقالت:
– رومان.. لا أعرف ما يحدث انا ايضا.. لقد قالوا انه سيناريو فقط، وانت تعرف ان حياتنا العملية كلها سيناريوهات.. لكننى مخطئة وكذلك الجميع.. لكن أكثر المتأثرين هو صديقك دين أمبروز.
رفعت رينيه رأس رومان رينز ووضعته بين راحتي يديها وهى تتحدث اليه متوسلة:
– انه يلوم نفسه طيلة الوقت، لا يتحدث مع أحد، لا يتناول الطعام، ويخرج كثيرا من المنزل ولا يعود لساعات متأخرة.. حتى انا لم التقي به منذ اكثر من ثلاثة ايام ولا اعرف مكانه.. ارجوك ساعده.. انت فقط من يمكنه ان يخلصه من هذا العذاب.
بدأت ملامح وجه رومان تتحول من الحزن والتعاسة الى السخرية، واخذت ابتسامة ترتسم فى وجهه ببطء شديد فى منظر جنوني مع تلك الدموع فى عينيه حتى تحولت الى ضحكة عالية وهو يقول:
– دين أمبروز !! لم اكن اتوقع انك لا تعرفين زوجك الى هذه المرحلة ايضا.. لقد كان دين هنا قبل قليل.
عاد رومان رينز للضحك الهيستيري ومن ثم نهض من مكانه وهو يتجه الي الباب استعدادا للمغادرة، وقال:
– اذهبي يا رينيه واستعدي لما هو قادم، واخبري الجميع.. الاخوين اوسو ، نايومي ، وكل من كان سببا فى ما حدث لي بأن أبواب الججيم سوف تفتح عليهم، لن تنجوا ابدا وخصوصا زوجك دين أمبروز.
اتسعت عيني رينيه يونغ بذعر شديد وهى تستمع الى رومان رينز، والذي كان قد وصل الى الباب وصرخت فيه بصوت مبحوح:
– رومان .. هل هذا تهديد؟ .. رومان! .. رومان!
لكنه كان قد غادر فعلا ولم يبقى منه سوى صوت ضحكته الجنونية، ورينيه فى الداخل ترتجف من شدة الخوف.
… يتبع
الكاتب: محمد بهاء الدين